لم يعد أي تعديل وزاري يجدي نفعاً في خضم صرخات ونداءات عالية الصوت لتغيير الحكومة برمتها ، وذلك ليس من باب تغيير الشخوص بل من باب تغيير السياسات التي اتخذتها الحكومة الحالية خلال الأشهر الماضية وأفضت إلى امتعاض شعبي كبير من كل قراراتها التي مست بصورة مباشرة وغير مباشرة وضعه الإقتصادي المتردي .. !!
الشارع الأردني يريد تغيير سياسات إقتصادية تأتي أُكلُها بصورة إيجابية على معيشة المواطن ، وليس تغيير شخوص يكمِّلون سياسات أسلافهم السابقين في التجويع . فالمواطن يريد العنب ولا يريد مقاتلة الناطور ..!!
من سمات الشعب الأردني التي ترددت كثيراً على أفواه العرب والعجم أنه جمل المحامل ، متواضع وكريم ، طيب وصبور ، ولكن عندما تُمَس كرامته سرعان ما يثور . نعم هذا هو الشعب الأردني الذي آثر إقتسام اللقمة وعيشه مع أشقائه اللاجئين دون مِنّة ، بل إنه بما يقدم دائماً فخور ..!!
منذ أن وعينا على الحياة السياسية في الاردن ، لم نعهد أبداً أن التعديلات الوزارية وعبر حكومات متعاقبة قد جاءت بجديد أو غيرت سياسة الحكومة برمتها ، وذلك لإرتباط هذه السياسات برؤية رأس الهرم الحكومي وليس العكس ، فالفروع ابداً لا تغير الجذور ..!!
نعي جيداً أن السياسات المراد على اي حكومة جديدة تنفيذها ، هيّ بالفعل مرسومة ولا ضير في ذلك ، والتفاوت بين الحكومات في آلية التنفيذ شيء بديهي ، ولكن ما يُهمنا كمواطنين هو قدرة الحكومة على قراءة الشارع جيداً وإنصافه من تغوّل المتنفذين الذين يبحثون عن مليء الجيوب بغض النظر على حساب مَنْ ، وجرءتها الفعلية على كشف هؤلاء ومحاسبتهم ..!!
نعم قد يتجاوز المواطن عن الكثير من حقوقه ، وهو على استعداد أن يساند الحكومة في تنفيذ قرارتها فيما لو ساد العدل والإنصاف بين طبقات المجتمع بصورة حكيمة ، تخلو من المحسوبيات التي تفشت كثيراً في مجتمعنا الأردني حتى باتت أبسط المعاملات تحتاج إلى واسطة حتى تُنفذ ، وإن لمّ تكن فعليك الرضوخ " مكرهاً " لبعض مطالب الأنفس المريضة من الموظفين الذين حللوا ما حرم الله " الرشوة " بذريعة أنها " خدمة مقابل خدمة " ..!!
لذلك .. تغيير السياسات هيّ الخطوة الواجب اتباعها لإنعاش الثقة بين الشارع والحكومة ، أما تغيير الشخوص يذكرنا بالمثل القائل " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت " ..!! م . سالم عكور akoursalem@yahoo.com