ربما كنت أشاور النفس والقلم في الكتابة عن التشكيلات الجديدة في بلادنا للحكومة ومجلس الأمة، ولكنني لا أخفي بأنني وعند إطلاعي على الخبر الذي هو موضوع مقالتي اليوم وجدت قلمي يتوجه لا إرادياً للكتابة فيه.
لم أستطع إخفاء صدمتي عند معرفتي بمثل هذا الخبر الذي أقل ما يوصف بالكارثة، ولكنها للأسف كارثة إجتماعية أصبحنا نسمع عنها في مجتمعنا الأردني ...
صدمتي هذه ربما كانت أقل من صدمة مندوب مركز حقوق الإنسان الذي لم يتمالك نفسه وأغمي عليه عند سماعه لوالد \"إن كانت هذه التسمية صحيحة\"، يجيب على سؤال الضابط له: لماذا إغتصبت بناتك الأربعة؟ بأنه هو والدهم، وهن بناتي وأنا أولى بهن من الغريب !!!
والد يغتصب بناته الصغار الأربع ولعدة سنوات وعند إكتشاف الأمر والقبض عليه يجيب وبكل \".....\" هؤلاء هن بناتي وأنا أولى بهن من الغريب ...!!! ما رأيكم؟
حقيقة لقد حرك هذا الأمر من الصدمة في داخلي الكثير ... تماماً كصدمة قلمي الذي تحرك لا إرادياً بكتابة هذه السطور..
ماهذا الأب؟ ترى ماهي الظروف التي تربى بها ليخرج لنا بمثل هذه العقلية والتفكير؟ وكيف وصل إلى درجة يتجرد فيها من كل صفات الإنسان ويكتفي بأن يكون حيواناً فقط !
نعم لا تتفاجئوا كثيراً، فالفرق الذي أوجده الله عزوجل وأثبتته وتثبته جميع الدراسات العلمية بين الإنسان والحيوان هما أمران إثنان، العقل والنطق، وطالما أن النطق يتحكم به الإنسان عن طريق عقله فيصبح الفرق هو العقل فقط ..
هذا العقل الذي يفرقنا عن الحيوان، ولو نظرنا إلى فسيولوجية الإنسان وفسيولوجية الحيوان لوجدنا الإنسان عبارة عن أمرين إثنين، عقل ورغبات، فيمكن أن يرغب أحدنا في أي شئ وفي أي وقت، ولكن الله أكرمه بالعقل الذي يساعده على التحكم بهذه الرغبات بالشكل الصحيح، بينما نجد الحيوان عبارة عن رغبات فقط بلا عقل .. ولذا نجد الحيوان مستعد لعمل أي شئ وفي أي مكان بلا أي تفكير ...
ولو أمعنا النظر أكثر هنا، لوجدنا أن الله عزوجل منح الإنسان الرغبات وأكرمه بعقل يساعده على التحكم بها، ولهذا فرض الله عليه الحساب والعقاب، أما الحيوان فلم يفرض الله عليه أي حساب ولا عقاب، وذلك لأنه لم يمنحه عقلاً يوجهه للصواب ويتحكم برغباته من الأساس ...
وهنا دعونا نعود للجريمة التي بدأت بها مقالتي، والتي هي مثال بسيط للجرائم التي أصبحنا نسمع عنها في مجتمعنا للأسف، والتي يتخلى فيها إنسان عن عقله ليصبح كالحيوان أسيرا لرغباته...
وأذكر هنا أن الحكومة الرفاعية الأولى قامت بتشكيل لجنة لدراسة أسباب تفشي الجريمة الإجتماعية في الأردن منذ عدة شهور، والغريب أننا لم نسمع شيئاً عن هذه اللجنة منذ تأسيسها !
أتوقع بأن دراسة أسباب هذه المشاكل الإجتماعية من الداخل، وأقصد هنا من داخل النفوس لمعرفة مسبباتها وطرق علاجها سيكون أكثر إفادة ...
ونتمنى هنا على أصحاب القرار خصوصا مع تشكيل الحكومة الرفاعية الثانية الجديدة، أن ينظروا إلى مشكلات المجتمع وطرق علاجها بطرق جديدة، غير قنابل الغاز المسيل للدموع والعصي وغيرهما من الطرق الموجودة حالياً.
لقد إشتاق مجتمعنا إلى من \"يفضفض\" إليه همومه ...
لنعمل دائماً من أجل ترسيخ ما يؤكد عليه جلالة سيدنا أبا الحسين في جميع المناسبات، وهي مقولة والده جلالة الحسين رحمه الله \"الإنسان أغلى ما نملك\"، فليكن الإنسان أغلى ما نملك دائماً ...
كتبت بقلم م. عبدالرحمن \"محمدوليد\" بدران