الروايات تقول أن شيخا في جامع إحدى القرى دعا سكان قريته إلى صلاة إستسقاء بعد أن طال انبحاس المطر. وعندما تجمع جمع غفير من أهل القرية أمام ساحة المسجد ، نظر فيهم الشيخ المسن طويلا ، وتنهد ، ثم نظر إلى السماء متضرعا.. ثم قال لأهل قريته : عودوا إلى بيوتكم ، فليست هناك صلاة إستسقاء اليوم ...فضج الكثير من أهل القرية : لماذا يا شيخنا ، لماذا لا نصلي صلاة إستسقاء ...فأجاب الشيخ : لو كنتم تؤمنون أن الله سيستجيب لصلاتكم لأحضرتم مظلات المطر ( الشمسيات ) معكم ..ولكنم حضرتم لتمارسوا شعيرة وكفى .
هي قصة تروى ، ولا أدري مدى صحتها ولكنها تعبر في طياتها عن مجتمعنا وما فيه من شعائر نمارسها بحكم العادة ونحن لا نؤمن بمحتواها ...وما جعلني أكتب في هذا الموضوع هو الدعوة إلى صلاة الاستسقاء في يوم الخميس القادم. فهل نحن نؤمن فعلاً أن الله قريب منا وأنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه؟؟.. ومن هو الشخص الذي يستحق أن ينظر الله عز وجل في دعواه ويجيبها له؟؟... هل المسلمين الذين يتواجدون في صلاة الجمعة والاستسقاء وجميع الصلوات الاخرى ويقولون – آمين – ترداداً لدعوات الامام ، هل هم موقنون بالإجابة !!!!
ليست هي المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي نتساءل فيها عن مدى ايماننا في اداء اركان ديننا ، وإذا كان هذا الايمان له تأثير في مجتمعنا أم أنه أمر منفصل تماما ...أو أن ممارستنا لشعائر ديننا هي مجرد عادات تعلمناها ونمارسها من قبيل العيب والحرام الاجتماعي....
نحن نعيش في مجتمع تتقاذفه أمواج المد والجزر من طقوس وعادات غربية إلى طقوس وعادات عربية ودينية. ولا ندري أين تقذفنا هذه الامواج وأين يكون المرسى في النهاية.. وفي هذا الخضم نقذف بعضنا بألقاب التكفير والتغريب والتعريب والجهل ولا أحد منا يسمع الآخر، فكل متمترس في موقعه يخاف أن ينال منه الآخر ثقافة أو روحاً.. وهكذا تضيع محاولات كثيرة للاصلاح في الهواء وتبقى الأمة تعاني من النوائب التي تأتيها تترا ....
ربما كان علينا قبل أن نذهب إلى صلاة الاستسقاء أن نؤمن أن الله هو الذي ينزل المطر وأن الله هو الذي يحبسه. وأذا آمن بذلك فلا بد أن يأخذ كل منا مظلة المطر معه إلى الصلاة، فالسماء لا بد ستمطر عند العودة.....
د . معن سعيد