بقلم : هشام ابراهيم الأخرس
مرت سنوات الدراسة متسارعة ولم تعطينا الفرصة لنحقق جزء من أحلامنا وأمانينا، بل زادت في جهلنا وكدست على عقولنا اليأس وعلمتنا النفور والهروب من على اسوار المدرسة صوب الحياة وتجاربها.
كانت أمنيتي أن أدرس الأحياء والكيمياء بداخل مختبر مجهز بكافة أنواع المحاليل والمركبات وأشاهد تلك الزجاجات التي تخص العلماء والبحث العلمي، واقوم بتجارب لا تنتهي وأشاهد الدخان وغليان المحاليل الكميائية وأشاهد البكتيريا عن طريق المجهر، كانت أمنيتي أن تعطى لي الفرصة كي أقرأ كل كتب المكتبة التي لم تكن موجودة أصلاً، كانت أمنيتي أن تعطى لنا حصة الرياضة في صالة مخصصة فيها كرات كثيرة وسلة وشبكة وأرضية نظيفة ولباس خاص لممارسة الرياضة، كانت أمنيتي أن نعطى حصص عن الرياضيات والفلك وحسابات النجوم ونحن نشاهد الفضاء عبر تيلسكوب صغير من أعلى المدرسة، كانت أمنيتي أن اقوم بعمل التجارب في الأحياء وأشق بطون الضفادع والفئران والسحالي والأفاعي وتكون في مدرستنا عدة خاصة للجراحة، كانت أمنيتي أن يكون في مدرستنا أشرطة فيديو لتجارب علميه ومكتبة كبيرة فيها كل مصنفات الكتب.
كانت أمنيتي أن لا يأتي مدرس التاريخ ليعلمنا الرياضيات في غياب المدرس المختص، ولا نتعلم الجغرافيا من مدرس الدين، ولا نثقف في اللغة العربية من مدرس الأحياء.
كانت أمنيتي أن اكون مبدعاً مخترعاً وشيء مهماً في المجتمع، فأخترع رجل ألي عن طريق سيارة صغيرة تمشي على ريموت، وأكتشف مادة جديدة من بطون الغابات، وأستلهم الأفكار من وحي الكتب، وأصنع جهاز جديد يفيد ربات البيوت، وأسافر كي أشاهد الزملاء من الطلاب في دول اخرى.
كانت أمنيتي وطوال سنين الدراسة أن أشترك في الكشافة، ونخرج خارج أسوار مدرستنا لتخرج مكنوناتنا ونغامر وننام في الخيم والهواء الطلق ونشارك في الأعياد ونلهو بالألعاب العسكريه.
ضاعت أجمل سنواتنا بين جدران مدرسة ذات نوافذ مكسرة وحارس يربي الحيوانات في حماماتها ومدير لا يخرج من مكتب فوضوي وأساتذة يوزعون المواد التموينية بعد إنتهاء دوامهم، ومقصف يبيعنا ساندويش غير صالح للإستهلاك البشري.
ضاعت سنين العمر ونحن نبحث عن ذاتنا، وتركت المدرسة متعلقا بأحلامي، عل وعسى أجد رب عمل يقبل أن يعطيني راتبا وأنا أعمل لديه في مختبر صغير، أمارس شغبي وطفولتي وفوضى الحواس التي تمكنت من النفس والروح، وأصحو من حلمي لأجد رب عمل لا يرحم وبالكاد يعطيك أجرك.
طفولة من الأمنيات
شباب من الأمنيات
كهولة من الأمنيات
حتى صرت من حملة الدكتوراه في الأماني