أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الملك يعود إلى أرض الوطن الملك يهنئ بعيد استقلال موريتانيا نقابة الذهب تحذر من عروض الجمعة البيضاء منح ومقاعد للأردنيين في الجامعات الإماراتية قريبًا عمليات جراحية معقدة تنفذها كوادر الميداني الأردني بغزة بايدن: نعمل لاتفاق في غزة دون وجود حماس في السلطة كلية الدفاع الوطني الملكية تختتم برنامج فن القيادة والتخطيط الاستراتيجي للكوادر الطبية الملك يلتقي الرئيس القبرصي في نيقوسيا الحكومة: لا تسفير للعمالة التي تحمل صفة لاجئ الأمن يوضح حول تّسجيل صّوتي متداول بخصوص الطريق التنموي وزير الداخلية يحاضر في كلية الدفاع الوطنية الملكية اقتصاديون: النهج الحكومي يبث الإيجابية وينسجم مع رؤية التحديث الأردن .. مشاريع لتطوير البترا كوجهة سياحية عالمية مستدامة أهالي أسرى إسرائيليين بغزة يعتصمون أمام مكتب نتنياهو الجامعة الأردنية وكلية الجراحين الملكية في ايرلندا توقعان مذكرة تفاهم أكاديمي المومني: الإذاعات المجتمعية منابر تنموية فاعلة الاسترليني يرتفع أمام الدولار واليورو السماح بتسجيل مركبات هجينة لخدمة السفريات الخارجية الرئيس الصيني: القضية الفلسطينية جوهر قضية الشرق الأوسط وزيرة النقل تدعو لتنظيم قطاع الشحن البحري
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام من اغتال طفولتهم؟

من اغتال طفولتهم؟

01-12-2010 10:08 PM

أطفال ثلاثة في عمر الورود، تحولوا إلى أزهار ذابلة، أزهار ذاوية، أو كأنهم نباتات جف في أغصانها ماء الحياة، فأصبحت أعواداً خاوية توشك أن تتهاوى عند أول هبة ريح. وجوههم تميل إلى السواد، لا لسواد بشرتهم، ولكن لسياط البرد والرياح الشرقية التي تحرقها فتحيلها إلى السواد، وجوه شاحبة، وجوه فقدت نضارة الحياة وهي في ريعان طفولتها.
لم أتخيل يوماً أنَّ في بلدي أطفالاً لم تتفتح براعمهم بعد، في الصف الثالث والخامس، يعودون من المدرسة إلى العمل الشاق، عمل لا يطيقه الرجال، في جلب الماء وحمله طوال النهار، أو جمع الحطب والأخشاب، فإذا غابت الشمس انتهى يومهم، وناموا دون أن يفتح أحد منهم كتبه، أو يراجع دروسه، أو يؤدي واجباته، فلا ضوء في البيت ولا كهرباء، وفي الصباح يذهبون إلى المدرسة، دون أن يدخل جوفهم شيء، يسيرون في البرد دون أن يقي أجسادهم الهزيلة ما يمنحهم الدفء كغيرهم من الأطفال.
أطفال ثلاثة لا يجدون سوى الخبز والشاي، يعيشون الفقر والجوع والبرد وربما المرض، يمثلون الحرمان بأبشع صوره، يجاهدون من أجل الدراسة، ولكن كل الطرق في وجوههم مسدودة، وربما لا يجدون استراحة إلا في مدرستهم التي تحاول أن تقدم لهم ما تستطيع من دعم ورعاية وحنان، ولكن أنَّى لساعات أربع أن تمسح عناء وشقاء عشرين ساعة من المكابدة والمعاناة؟
أطفال ثلاثة: بنت في الصف الثالث وولدان في الصف الخامس، ترتسم على وجوههم براءة الأطفال، وإن لم يعيشوا حياة الأطفال يوماً ما، أطفال لم يتذوقوا طعم الطفولة، لا يعرفون من الطفولة إلا اسمها، أجزم أنهم لا يعرفون الشيبس ولا الشكولاتة ولا الحلويات ولا اللعب ولا الفاكهة ولا التلفزيون، لا يعرفون من الطعام إلا الخبز والشاي إن وجدوهما، لعبهم حمل الماء وجمع الحطب، استراحتهم نوم على وجوههم في نهاية يوم طويل من الشقاء والعمل الذي يغتال طفولتهم، ويغتصب أحلامهم، ويسرق ماء الحياة من وجوههم.
أطفال ثلاثة، يشعرون بالوحدة، بأنَّ المجتمع تخلى عنهم، نبذهم، قلب لهم ظهر المجن، وإلا أي عذر لمجتمع بملايينه الستة، ومليارديراته ومليونيراته، وحكومته ذات الـ31 وزيراً، ونوابه الـ120 نائباً، وأعيانه الـ60، ووزارة التربية بوزيرها وأمناء الوزارة الثلاثة، ووزارة التنمية الاجتماعية بكادرها وموظفيها، وصندوق المعونة الوطنية، ومديرية حماية الأسرة، والجمعيات الخيرية، أي عذر لكل هؤلاء وغيرهم أن يعيش هؤلاء البراءة الطاهرة، الطفولة الشقية، والحرمان البشع، والفقر المدقع، دون أن يقدم لهم أحد يد العون والمساعدة، يشعرهم بالمساندة والتكافل، بالمودة والرحمة؟ أي مجتمع أصم، جاحد، لا يأبه بالفقر وإن كان يفترس جاره أو أخيه، مجتمع متوحش، شعاره أنا أو الطوفان. صحيح أنَّ هؤلاء الأطفال يعيشون في معزل بعيداً عن العمران، ولكن أين الإنسانية فينا أن لا تلاحظ معاناتهم وشقوتهم وحرمانهم، ونحن نشاهدهم كل صباح ومساء يروحون ويجيئون من البيت للمدرسة، ومن المدرسة إلى البيت، وبالكاد تحملهم أجسادهم الهزيلة الشاحبة التي تكاد تسقط إعياءً وتعباً وإجهاداً؟
لم أطلع على تفاصيل حياتهم بعد، ولكن علمت وزميل لي نتفاً منها أثناء زيارة عرضية لمدرستهم الفقيرة الصغيرة المحرومة في إحدى قرى الزرقاء الغربية، حيث يعمل والدهم حارساً في مزرعة دواجن، ويقطنون بيتاً خاوياً ليس له من البيوت إلا الاسم، ولا مورد لهم إلا راتبه الهزيل الذي لن يكفيهم شيئاً، هؤلاء الأطفال أذكياء، نابهون، كأنهم يتحدون فقرهم وحرمانهم، ويؤكدون حبهم وتعطشهم للعلم، ولكن قد يقاومون الفقر والحرمان سنة أو سنتين، ثم قد تخذلهم أجسادهم إن لم يتغير الحال، ولن يتغير في المدى المنظور، إلا إن هبَّ أهل الخير والعطاء لنجدتهم، ومد يد العون لهم، ومساعدتهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
حالة هؤلاء الأطفال الثلاثة ومعاناتهم تدمي القلوب الإنسانية، وتبكي الصخور المتحجرة، وهم ينتظرون أن ينتشلهم أحد من وهدتهم، ومن شقاء معيشتهم، ومعاناتهم التي تتواصل ليلاً ونهاراً، ولا يجدون لحظة ليعيشوا طفولتهم، فهل يطول انتظارهم، وهل يخيب رجاءهم؟ أم ثمَّة أمل في سواعد الخير، والقلوب الرحيمة، والنفوس الكريمة؟!
mosa2x@yahoo.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع