تواجه البلديات في المملكة ازمة تهدد بانهيار معظمها, منذ أيام حجزت المحكمة على أرصدة بلدية الكرك الكبرى وقبل ذلك بفترة وجيزة صدر حكم مماثل بحق بلدية عجلون. ويبدو ان المقبل أسوأ على حد تعبير رئيس بلدية الكرك المهندس احمد الضمور الذي صرح لموقع عمون الاخباري بان البلدية "قد لا تستطيع دفع رواتب موظفيها وستضطر الى تقليص انشطتها الاعتيادية في مجال الخدمات". المتضرر الاول من هذه الحالة سيكون المواطن الذي يعتمد في حياته اليومية على خدمات البلدية. ويستطيع أي مراقب يتجول في شوارع بلدات ومدن اردنية ان يلحظ تراجعا في مستوى النظافة والخدمات جراء الأزمة المالية التي تعاني منها معظم البلديات. شكل مشروع الدمج نقطة تحول في عمل البلديات, كان فكرة صائبة من وجهة نظر الكثيرين غير ان نجاح المشروع كان يتطلب من الحكومات اسلوبا جديداً في ادارة العلاقة مع البلديات. لم يحدث ذلك للأسف وظلت البلديات ضحية مثل غيرها من المؤسسات لسياسة الاسترضاء "الحكومية والنيابية". فقد تسابق الطرفان على اغراق البلديات بالاف الموظفين خدمة لمصالح انتخابية ورسمية. ومن يطالع موازنات البلديات يلاحظ من النظرة الاولى ان ما يزيد على 70 بالمئة منها يذهب لبند الرواتب,يقابل ذلك عجز مزمن عن تحصيل حقوقها المالية من المواطنين, فغرقت البلديات بالديون واصبحت غير قادرة على القيام بواجباتها بعدما ارهقتها تعويضات الاستملاك والديون. ادارة البلديات بنفس الاساليب القديمة أفشلت مشروع الدمج الذي اعتبر في حينه خطة انقاذ ستضع العمل البلدي على سكته الصحيحة. فقد وجدت بلديات كبرى مثل الكرك وعجلون والمفرق... الخ نفسها في ازمة عميقة تفاقمت بشكل ملحوظ بعد الدمج. وزاد الطين بلة التدخل الحكومي في الانتخابات البلدية الاخيرة, "وتركيب" مجالس بلدية مخالفة لارادة الناخبين وخياراتهم, وافرز هذا الوضع مشاكل لا تنتهي في البلديات حيث سجلت حالات فساد عديدة ودبت خلافات في عدد من المجالس الأمر الذي دفع الحكومة الى حل بعضها وتعيين لجان مؤقتة لادارتها. في الأزمة الاخيرة بذلت محاولات لوقف التدهور في البلديات وحاولت وزارة البلديات الضغط بقوة لوقف التعيينات وضبط النفقات بيد ان ذلك لم يجد نفعاً واستمر مسلسل الانهيار. الوضع القائم الان في البلديات يحتاج من الحكومة الى خطة طارئة لاحتواء الازمة واجراء مراجعة شاملة لاوضاعها قبل ان تلحق بلديات اخرى بالكرك وعجلون. استمرار الحال على ما هو عليه في البلديات سيشكل انتكاسة لجهود التنمية المحلية. المراجعة ينبغي ان تطال بعض تطبيقات مشروع الدمج وإفرازات الانتخابات الاخيرة وسبل معالجة ازمة المديونية والعجز وتضخم الكادر الاداري, ودور البلديات في مشروع اللامركزية الموعود وغيرها من العناوين ذات الصلة.