معظم اثرياء الاردن وفلسطين لاعلاقة لهم بنا يتفرجون على الفقر والحرمان في الاردن وفلسطين ولايفعلون الا ماندر وكأن الشعبين في واد وهما في واد اخر. ماتراه في جنوب الاردن او قرى عجلون او الاغوار تراه في المخيمات وتراه في الضفة الغربية وغزة على الرغم من ان الشعبين وهما "دم واحد" في وجه اخطر مشروع لتدمير المنطقة ولايتم اعانتهم كما يجب ولاتثبيتهم كما يجب ، ولايقوم الاثرياء بأي دور تجاه الاهل في كل مكان وكأنهم لاينتمون الينا الا باسم العائلة والمنبت ومكان الولادة والهوية . لدي انموذج هنا محزن جدا للفقر وهو عندما حين تذهب الى مخيم غزة قرب جرش وعدد سكانه عشرين الف غزي لايحملون الارقام الوطنية تكتشف ان حياتهم لاتليق بالبشر فستين بالمائة من بيوتهم سقوفها من الصفيح فتنهمر الامطار عليهم خلال الشتاء وتغرق البيوت وليس أدل على ذلك من المطر الاخير الذي قلب حياتهم الى جحيم واذا كانت هناك جهات تقوم بتوزيع اغطية بلاستيكية قبيل كل شتاء لوضعها فوق سقوف الزينكو فأن نوعية الاغطية من جهة والمبدأ ذاته يؤشر على خلل كبير ، وقد كان بالامكان مساعدة هؤلاء على الاقل في سقف بيوتهم بسقوف اسمنتية تقيهم الشتاء والسقف الاسمنتي الذي يحمي عائلة من "البهدلة" لن يؤدي الى نسيان فلسطين ولا الى بيع حق العودة. كونهم لايحملون ارقاما وطنية فأن هذا الملف بامكان الاثرياء التعامل معهم بعيدا عن التفسيرات السياسية للقصة فهي قصة انسانية لاناس يعانون اشد المعاناة في ظروف حياتهم وفي ظروف العمل والعلاج والسكن وكل القصص الاخرى وحين تتأمل وجود اربعة عشر الف فرد غزي في المخيم ينامون تحت سقوف من الزينكو مغطاه بالبلاستيك الذي لايصمد امام اي عاصفة هواء كما الاخيرة وتعرف ان بقية البيوت تم اطلاق مبادرات لسقفها بالاسمنت او الاسمنت والصفيح معا تحزن بشدة وتسأل اين الاثرياء واين المليارات التي يتم تكديسها في مصارف العالم العربي واوروبا وامريكا ؟ الا يستطيع كثرة من الاثرياء حل هذه المشكلة بالتعاون من الحكومة والجهات الرسمية وتحديدا دائرة الشؤون الفلسطينية حتى تكون العملية منظمة وواضحة في مغازيها وحتى لاتكون عرضة للتأويلات. مخيم غزة القريب من جرش يعاني من ظروف مأساوية ومعظم اموال الاثرياء في الاردن وفلسطين لاتساعد فقيرا في معان ولا فقيرا في مخيم غزة ولامحروما في الرمثا والاغوار ولامحروما في الضفة الغربية وغزة .. لماذا نتحدث عن الاثرياء في الضفتين في مطالعة واحدة ؟ السبب بسيط ... فأهل الضفتين اي الاردن وفلسطين هما ناصية العرب وجبينهم في وجه المشروع الصهيوني الخطير الذي يريد ابتلاع هذه المنطقة ولذلك فأن مساعدة الناس وتأمين ظروف حياة كريمة لهم يساعدهم على الصمود في وجه المخطط مع معرفتنا ان من هو تحت القتل والرصاص في الضفة وغزة وضعه اصعب جدا ليبقى الاحساس بأن معظم اثرياء الاردن وفلسطين في المحصلة لايقومون بأي مبادرة تجاه شعبيهما او قل شعبهما الواحد تاريخيا وحاضرا ومستقبلا لايقوم هؤلاء بأي جهد والادلة على ذلك كثيرة وفي كل مكان. ان لم يظلهم الاغنياء بسقوف اسمنتية تقيهم شر البرد والمطر ، فإن الله وباذنه سيظللهم برحمته يوم الحساب ليبقى ملف الاثرياء في البلدين مفتوحا نحو كل الاسئلة حول التوظيف الوطني للمال. الدفء وحفظ الكرامة حق انساني قبل اي شيء اخر. mtair@addustour.com.jo