كثيرون يرحلون ولا تشعر بهم لكن هناك من يرحل ويترك في القلوب غصة فراقه يدمع العيون ويتفطر القلب علية كمدا وحسرة ,وما أم إبراهيم منيفة منصور القهيوي إلا واحدة من هولا كانت ملاكا يسير على الأرض كانت تجمع حين يفرق الغير كانت تحب الجميع فأحبها الجميع ,كان بيتها محجا لكل ذي حاجة فتغيث الملهوف وتجبر كسر المكلوم ما قصدها صاحب حاجة وعاد إلا وحاجته مقضيه كانت يسراها لا تعلم ما قدمت يمناها ,أخفته الأيام وطيب النفس عن الأقربون فما علموا به ولم يكشف إلا حين وآفاتها المنية فتدفق الملهوفين الذين كانت عونا لهم يولولون حزنا عليها وعلى حبل خير كان يصلهم كل خاتمة شهر يطنون انه انقطع من كل بقعة من وطننا أتوا قالوا قصصا كثيرة ذرف الجميع لها الدمع ووقف الكل وجلا أين نحن من هذا ,فالمكان سيفرغ ولن يجد من يحل فيه , ورثت كل هذا من لدن والدها الذي عرفته عشائر البلقاء بقضها وقضيضها منبع لكل مكارم الأخلاق وطيبها ,نعم كانت أم إبراهيم تلك النشمية من ذاك الفارس خصال حميدة حملها والدها لازال بتناقلها الجميع وكأنها تحدث اليوم كلما سمعتها ممن يقابلني ارتفع بها راسي ليعانق عباب السماء لان لأبنائي منها نصيب فكيف وهو الجد وتلك المرحومة هي الخالة ,لقد تجمد الدم في عروقي وانأ اسمع احد أطفالي وبعفوية الطفولة يبكيها حين يقول من لنا بعدك ليعرفنا معنى العيد ياخالة .
هذه أم إبراهيم وريثة المجد بكل إطرافه لرمز من رموز عشائر البلقاء لتكن هي كذلك من رموز نساءها فهنيئا لكي بكل هذا وأنت بين يدي الباري فستجدينه بانتظارك لترتقي به درجات الجنة وسيكن عليين دار المقام الأبدي بدلا لدار زوال ما تمسكتي بها فقدمتي غاليها قبل نقيسها لكل صاحب حاجة .
افتقدتك كما افتقدك كل من عرفك يا صاحبة القلب الكبير الذي لم يعرف الضغينة بل كان نبع حنان يحنو على القريب ويكرم البعيد كنتي الجامعة حين يشتت الغير كنت إلام لشقيقاتك حين افتقدن إلام كنتي الحنونة على كل الأطفال حين يعدون الأيام متلهفين للقائك ,وكيف لا افتقدك وانأ من عاهدت ابتسامتك التي لم تفارق محيا كي في أحلك الظروف وأقساها فانا حينما أقول ملاك أعي ذاك أليس الملاك من يقابل السيئة بإحسان وأنتي كذلك أليس الملاك من يغفر الزلة ويمحوها ويقابلها بما هو أحسن منها , لم يكن من قبيل الصدفة ان يجد الأطباء لك قلبا ابيضا كالثلج ما عرف الضغينة كيف لا وأنت من وددتتي ان تقابلي بارئك دون ان ترهقي كاهل احد فقابلتيه دون ان تحملي احد أعباء شيء حتى الزيارة وهي اقلها ,نعم أنها إرادة الله ان يكن أخر عهدك بالدنيا ان تموتي واقفة وأخر أقوالك شهادة بان الله واحد وان محمد نبي الأمة وليس على فراش الموت الذي خاله الجميع سرير الشفاء بل بجواره و ليس هذا بغريب لان الله يفرح بكل خير يجود به العبد ماديا ومعنويا وكان عندك منه الكثير ففرح بمقدمك وجازاك عنه خير الجزاء من سكرات الموت التي كانت لحظات حتى صلاة الفجر التي رايتيها بالمنام تصلينها كاملة قبل ان تصليها واقعا .
فقدانك مصيبة لكن العزاء هذا الذكر الطيب الذي لن تمحوه عاديات الدهر وتلك الخصال الحميدة التي عرفها الجميع وتلك الأيادي البيضاء التي ما بخلت حتى في الوصية ان لا ينقطع حبلا من ذلك وصل فهنيئا لكي بكل هذا لأنك ستجدينه في وقت لا ينفع غيرة فأنتي من عرفت الله قولا وفعلا ,الفكر يعجز ان يعبر واللسان ان يقول ويشهد الله إنني لم أتقول شيئا ما كان وان كنت اعرف النزر القليل من طيب سجيا كي الكثر لكني لا ملك وانأ احتضن صغيري حين يتقطع كمدا على فراقك إلا ان أقول فليرحمك الله ويدخلك فسيح جنانه وأنتي من أعددتي لذاك خير الزاد وان يلهمنا وذويك وكل من عرفك الصبر والسلوان انه نعم المولى القدير وبالإجابة القدير