زاد الاردن الاخباري -
فيما وجهت القوات السورية تحذيرها لسكان محافظة درعا جنوب سورية من عملية عسكرية تهدف إلى انهاء تواجد التنظيمات المسلحة بالمنطقة، يرى خبراء عسكريون أن ذلك قد يشكل تهديدا لإمكانية الحفاظ على اتفاق خفض التصعيد بالجنوب السوري.
ويرون ايضا أن ذلك يشكل تحديا أمنيا استراتيجيا للأردن، خصوصا مع موجات لجوء محتملة، قد تحتضن إرهابيين فارين من ساحة القتال.
وكان الأردن أكد أن مصالحه الاستراتيجية في الجنوب السوري تتضمن أساسا عدم تواجد التنظيمات الارهابية أو الميليشيات المحسوبة على ايران، مشددا على تمسكه باستمرار العمل بمنطقة خفض التصعيد.
وفيما تعج منطقة درعا بالعديد من الفصائل والمنظمات المسلحة والإرهابية التي يشكل تحركها باتجاه المملكة تهديدا أمنيا، أكد الخبراء في أحاديث لـ"الغد" على قدرة الأردن على حماية مصالحه وامتلاكه الأدوات والعلاقات اللازمة لذلك.
بيد أنهم أوضحوا ضرورة تكثيف الاجراءات الأمنية، على طول الحدود مع سورية، وضرورة التخطيط للتعامل مع أي طارئ لتجنب عنصر المفاجأة.
وقالوا إن هناك صعوبة في وضع سيناريوهات لمواجهة التهديدات التي يمكن أن تنتج عن التعامل مع المتغيرات الجديدة، إذا ما نقل الجيش السوري ميدان المعركة باتجاه الجنوب السوري، المحاذي للواجهة الشمالية الأردنية.
وتلقي الأوضاع الأمنية المحتدمة في محافظة درعا، بعد تحذيرات القوات السورية من عملية عسكرية وشيكة في ظل دعواتها للمقاتلين المعارضين إلى إلقاء السلاح، بظلالها على الساحة الأردنية، فيما يسعى الاردن الرسمي بالتوافق مع الولايات المتحدة وروسيا للحفاظ على منطقة خفض التصعيد بالجنوب السوري.
ورغم ذلك، يعتقد هؤلاء الخبراء أن استمرار عمليات الحسم عسكريا هو الخيار المطروح حاليا أمام الدولة السورية وحلفائها، لتطهير الجبهة الجنوبية من عصابة "داعش" الارهابية، وبعض فصائل المعارضة المسلحة على مساحات واسعة في محافظتي درعا والقنيطرة، وتعظيم مكتسبات وانتصارات الجيش السوري.
وينتشر في مدينة درعا وريفها العشرات من التنظيمات الارهابية، واخرى مسلحة معارضة، على اختلاف مسمياتها، كجبهة النصرة، جيش خالد المرتبط بداعش، فصائل حوران، كتائب لواء المقدس وغيرها، فيما تسيطر جبهة النصرة على كامل ريف درعا باستثناء الريف الجنوبي الغربي، حيث تنتشر عصابة داعش الارهابية.
ويؤكد اللواء المتقاعد وليد فارس كريشان ان توجه الجيش السوري وحلفائه الى محافظة درعا، بعد حسم القوات السورية لمعركة الغوطة الشرقية وتأمين دمشق ومحيطها، يشكل تحدياً أمنياً استراتيجياً للاردن، مع احتمال حدوث موجات لجوء جماعية متوقعة.
وشدد على قدره الاردن على حماية مصالحه، مطالبا بضرورة التخطيط للتعامل مع أي طارئ لتجنب عنصر المفاجأة.
سياسياً، يرى كريشان أن الجيش السوري، سيعزز في حال تمكن من تحرير بعض البلدات في محافظة درعا، من الأوراق الرابحة للدولة السورية في مفاوضاتها مع الدول الحاضرة في المشهد السوري، بالإضافة للسيطرة على الحدود السورية الأردنية وإعادة فتح معبر نصيب التجاري.
وكثفت القوات السورية خلال الأيام القليلة الماضية من وتيرة إلقائها مناشير من الطائرات المروحية، فوق مدن وبلدات محافظة درعا، دعت في معظمها إلى الانضمام للمصالحة الوطنية، ومحذرة من اقتراب موعد العمليات العسكرية في المنطقة، بالتزامن مع إعلان قوات النظام سيطرتها الكاملة على دمشق وريفها، بعد إنهاء آخر جيوب عصابة داعش الارهابية في مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود.
من جانبه، يرى العميد الركن المتقاعد حافظ الخصاونة أن طبول الحرب المقبلة بحسب المعطيات الميدانية ستكون في محافظة درعا، التي تعيش اتفاق خفض التصعيد برعاية أردنية روسية أميركية منذ تموز (يوليو) 2017.
ويؤكد الخصاونة ان تمدد المعارك الى جنوب سورية، وتحديدا لمحافظتي درعا والقنيطرة، هو في الحسابات الاردنية، مبينا أن تحليل الوضع في سورية "صعب" باعتباره بات معقدا لدرجة كبيرة، حيث يصعب من خلال المعطيات المتلاحقة والمعلومات المتضاربة في صحتها، في ظل مؤشرات لخلاف سوري ايراني روسي، الحفاظ على اتفاق خفض التصعيد بالجنوب السوري.
وبين الخصاونة ان المعطيات الميدانية تشير الى أن الأولوية لدى النظام السوري هي تأمين الجبهة الجنوبية واستعادة السيطرة عليها من عصابة داعش والميليشيات المسلحة المتواجدة على مساحات واسعة في محافظتي درعا والقنيطرة، في حين تسعى روسيا لتقديم ضمانات تحترم وتحافظ على اتفاق خفض التصعيد بالجنوب السوري.
وتوقع الخصاونة أن تمتد معركة درعا إلى ريف القنيطرة المحاذي لهضبة الجولان المحتلة، وبالتالي السيطرة على جميع الحدود السورية في الجنوب، وانهاء التواجد المسلح بكامل تلك المنطقة.
من جهته، لم يخف العميد الركن المتقاعد محمد العلاونة، خشيته من حدوث موجات لجوء جماعية من سورية، هرباً من شدة المعارك المتوقعة في محافظة درعا، وما سيشكله ذلك من أعباء أمنية على الأردن، وحدوث حالات تسلل عبر الحدود السورية الأردنية، من قبل أفراد ينتمون لعصابة داعش وجماعات متطرفة أخرى.
ورأى العلاونة أنه في ظل هذه المستجدات السريعة ثمة صعوبة في وضع سيناريوهات لمواجهة التهديدات التي يمكن أن تنتج عن التعامل مع المتغيرات الجديدة، اذا ما نقل الجيش السوري ميدان المعركة باتجاه الجنوب السوري.
وبين العلاونة أن خيارات الأردن في التعامل مع الوضع الحالي هي البقاء متمسكاً بسياسة التوازن، والبحث عن آليات اتفاق وتفاهم بين جهات الصراع ، "أما إذا تطور الوضع وبات يهدد المنظومة الأمنية والوطنية، فإن التدخل العسكري للدفاع عن المملكة وامنها لن يكون مستبعدا".