التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام ، والتي أكد فيها أنه يفكر بحل السلطة في حال لم يتم التوصل لاتفاق تسوية مع إسرائيل يضمن اعتراف العالم بدولة فلسطينية يعكس الشعور بالفشل الذي يلاحق المفاوضات التي اعتبرته السلطة طريقا وحيدا لحل المشكلة ، و يشير كذلك إلى تخبط السلطة وضعفها في مواجهة التعنت الإسرائيلي والانحياز الأمريكي الكريه لإسرائيل ، و يعتقد الرئيس عباس واهما ان إسرائيل وأمريكا \" تأكل \" من تهديداته أو تحسب لها الحساب باستثناء تصريحات أمريكية وإسرائيلية تعبر عن أسفها لتصريحات الرئيس عباس لأنها تعتقد بل ومتأكدة ان مثل تلك التصريحات لا تنطلي حتى على المواطن الفلسطيني وماهي إلا زوبعة في فنجان !
السلطة الفلسطينية أعلنت ومنذ سنين ان لا خيار لها سوى التفاوض وان غير ذلك ملغي بالمطلق من أجندتها ، رغم الرفض الإسرائيلي لتقديم أي تنازلات حيال الاستيطان والقدس ورغم الوعود الأمريكية الكاذبة والمخادعة بدعم المفاوضات و التي مارستها طوال سنين ، فالحكومة الامريكة التي وعدت بدفع عجلة المفاوضات أعلنت عن فشلها أخيرا في إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان وتوسعة المستوطنات وبالتالي ربحت إسرائيل جولة التفاوض دون ان تقدم أدنى وعد بوقف الاستيطان الا تلك الفترة الوجيزة التي أوقفت فيها إسرائيل بناء مستوطنة عادت واستكملت بنائها لجر الفلسطينيين إلى التفاوض وإخراج السلطة من حرج كبير أمام الرأي العام العربي والفلسطيني الذي راقب بألم تلك المفاوضات وما رافقها من تعنت ورفض إسرائيلي لتقديم اية تنازلات بسبب الدعم ألأمريكي المتواصل لإسرائيل وعدم تمكن السلطة نفسها من اتخاذ أي قرار حقيقي لمواجهة الموقف .
أن التلويح بحل السلطة يعكس الشعور بالفشل الذي يلاحق المفاوضات وشعور بخيبة أمل كبيرة من المماطلة الإسرائيلية والتغاضي الأميركي عن التعديات والتجاوزات الإسرائيلية اليومية، وبالتالي لا بد من \"وضع خطة إستراتيجية جديدة واضحة لمستقبل القضية الفلسطينية، والتوجه إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وكسب اعتراف العالم بها بعيدا عن ألمساع الفلسطينية التي خدعت نفسها بها بخيار التفاوض والحرص على إنجاح عملية السلام المتعثرة منذ سنين وهذا يستلزم إعادة اللحمة للصف الفلسطيني وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة لتنال الدعم الفلسطيني والعربي والعالمي لأية خطوة تصعيدية مع إسرائيل إن أرادت فعلا تحقيق الطموح الفلسطيني بإقامة الدولة المنشودة ، فالثوابت والحقوق الفلسطينية تستند الى قرارات دولية والى إجماع عربي وإسلامي لا يحق لأحد أن يفرط به او يميعه بمواقف سياسية وإعلامية وردود أفعال شخصية او حزبية تملك رؤية ثبت فشلها في المفاوضات مع العدو و لم تؤت ثمارها حتى الان ، وغير ذلك فان ما يقال او يعلن من تصريحات وردات فعل غاضبة لن تعدو أكثر من زوبعة في فنجان تتلاشى أمام اي تلويح او وعد أمريكي أخر من ألاف الوعود التي لم ولن ترى النور !