- الانتقادات التي وجهتها قوى سياسية مختلفة للحكومة الأردنية بسبب ما قدمته من مشاركة إنسانية لإطفاء حرائق واسعة انتشرت في شمال إسرائيل كادت ان تقتل المزيد من الناس بسبب انتشارها السريع بفعل الرياح وحالة الجفاف التي تعيشها المنطقة والتي كانت ستعرض السكان العرب في مناطق مختلفة مثل قرية عسفيا وايالاه ودالية الكرمل إلى كوارث بيئية كبيرة وتشريد السكان ناهيك عن الخسائر المادية والآثار النفسية والاجتماعية المدمرة التي كانت ستحدث لا سمح الله لو انتشرت تلك النيران إلى تلك المناطق، فأن تلك المساعدة والمشاركة الأردنية ما كان يجب أن تتعرض للنقد بسبب الموقف الإنساني الذي اتخذته الحكومة إلا إن كانت الانتقادات هي سمة البعض وعلى قاعدة المعارضة موجودة ! وتلك سمة مرفوضة وغير واقعية ولا منطقية ولا تعبر عن أية بوادر بإمكانية التطور والنمو لهذه القوى .
فالجهود الدولية والعربية ، والأردنية خاصة ساهمت بمنع انتشار كارثة بيئيةوانسانية عظيمة ستعرض حياة الآلاف من العرب والإسرائيليين لو امتدت واتسعت إلى أخطار بيئية وإنسانية واقتصادية كبيرة ليس بحق دولة إسرائيل فحسب بل وبحق العرب القاطنين في تلك القرى وغيرها والذي يعتمد السواد الأعظم منهم على الزراعة التي أصابها التهديد بفعل تلك الحرائق الواسعة وفشل إسرائيل وحدها في السيطرة عليها في الأيام الأولى .
و بعيدا عن الصراعات التي تجتاح الكثير من دول العالم فأن ما يتعلق بتعرض الدول أية دولة الى كوارث بيئية كبيرة كالزلازل والبراكين والأعاصير وغيرها يملي على الحكومات مواقف إنسانية خالصة لمد يد العون والمساعدة للتخفيف من أضرار تلك الكوارث ، وتنحية تلك الصراعات جانبا وعلى طريقة انقذني اولا ثم عاتبني ، وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية وعلى سبيل المثال من الدول السباقة لمد يد العون للتخفيف من أثار الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة بام الإيرانية أواخر العام 2003 بالرغم مما كانت تعتبره الولايات المتحدة من إن إيران هي \"محور الشر \" في العالم ، وقال الرئيس الأمريكي جورج بوش حينها إن الولايات المتحدة مستعدة لمعاونة ومساعدة الشعب الإيراني رغم غياب أي علاقة دبلوماسية بين البلدين ولكن الموقف يتطلب مساعدات إنسانية عاجلة لأننا نشعر بحاجتهم لهذه المساعدات ولأننا بشر نعيش وسط عالم صغير يجمعنا ! وكانت إيران قد رحبت حينها باستقبال المساعدات الإنسانية من دولة تطلق عليها الشيطان الأكبر ولم تضع اية قيود او شرط حيال المساعدات التي قبلتها من كل دول العالم باستثناء اسرائيل !
يبدو أن البعض قد استمرأ التخندق خلف فكرة أو منهجا عقائديا او فلسفيا غير قابل للتطور ومسايرة الأحداث ، وباتت كل السياسات والأفعال التي تتصرفها الحكومات حتى و لو كانت إنسانية محضة تتعرض للانتقاد والرفض وعلى قاعدة أن المعارضة موجودة ! وهذا الأمر بات يضع تلك المعارضة والمنتقدين في أسفل سلم القوى الحية والديناميكية القادرة على التجديد والتطور ، وإذا ما استمرت تلك المعارضة بتلك الكيفية فأنها ستواجه هي نفسها نقدا داخليا وانقسامات واسعة بين أطراف التجديد والرافضين للتجديد داخل الحزب الواحد ويعرضها للضعف والتراجع إلى الحد الذي يبدو فيه الحزب كالرجل المريض بمرض عضال حيث لا أمل ولا إمكانية بشفائه !!