أرجوع وصفي سنبقى ننتظر ، أم خروج ابن التل من القبر، أم ميلاد وصفي جديد يخرج من الرحم.
ذهب وصفي وبقيت ذكراه خالدة مخلدة محفورة ومنقوشة بحروف من ذهب في جدران و أساطير التاريخ الذي لن ينسى رجل صنع المجد والتغيير، وفعل المستحيل بأن حاز على قلوب الأردنيين.
ذهب الحراث ابن الأرض و بقيت أشجاره باسقة شاهدة على العصر، تحكي لجيلنا و للأجيال الآتية ممن حرمها القدر من معاصرة هذا البطل قصص وحكايات عن زمن قيل وكتب بأنه كان زمن غير هذا الزمن، كان زمن ابن التل وابن السهل وابن الوعر وابن الجنوب وابن الوسط وابن لم تلده أي النساء من بعد،
قيل أنه كان بيديه يحرث الأرض ويغرس الزرع ويروي الأشجار التي منها سنبقى نشتم رائحة وصفي والوطن وعبق ذاك الزمن، ولو احرقوها كلها ولم يبقى منها إلا الفحم.
قيل لي أنه كان بسيارته يقل الطلبة ومن تقطعت بهم السبل، وكان متواضعاً تكاد جبهته تلامس الأرض، وقيل أن الوزير والمسؤول في عهده كان خادم للشعب ،يسعى ويلهث باحثاً عن رضا الشعب.
لن أقارن فالمقارنة بعيدة لا بل مستحيلة، لن أقارن فالمقارنة تطول والشعب يحفظها ويرددها دون ملل أو كلل، لن أقارن ولن نبقى ننظم قصائد الرثاء ونخط مقالات التأبين كل عام وفي كل ذكرى دون أن نأخذ من وحيها العبر، لن أقارن و لكنني سأقول بأن وصفي لن يعود، وبزماننا هذا هو غير موجود، حتى لو بحثنا عنه وقلبنا الوجوه ونبشنا القبور، فالرجل ذهب حاملاً تاريخ لن يمسح وسنلقنه لأحفاد أولادنا إن شاء لله.
لن أقارن ولكني اجزم بأن روح وصفي بيننا بدأت تحوم، تستنهض الهمم وتغذي الروح، تقوي عزائمنا و تشد من أزرنا، فحراكنا وتمردنا الديمقراطي الباحث عن رفع سقف الحرية والقفز فوق حواجز العرفية العفنة، هو دليل على أن الشعب بدأ يستنشق أفكار وروح وصفي.
ذهب جسد وصفي و بقيت روحه ومبادئه نهجاً ومثلاً وقدوة يجب الاقتداء بها وتطبيقها إذا ما أردنا نفض التراب عن قبورنا والخروج من سباتنا وبناء مستقبلنا لصنع غد مشرق يليق بنا وبأولادنا.
يجب أن توظف هذه الصحوة الديمقراطية عند الكثير من أبناء الشعب وخاصة من قبل الإعلاميين والصحفيين والكتاب لمراقبة مجلس النواب الذي أشبهه بقلب الإنسان الذي إن صلح صلح الجسد كله، والذي من المفترض أن يراقب هو أداء الحكومة والمسؤولين، و يشرع ويعيد جزء من كرامة وحقوق هذا الشعب المهدورة، والذي أصبح مصيره حقلاً للتجارب وتطوير الخبرات حتى وصلت مديونيته لأفاق لا تطاق.
و بما أن الجميع متفق على أن أغلب شخوص هذا المجلس من النواب الجدد، الذين لا يستندون إلى أي خبرات سياسية أو تاريخ سياسي، والذين من السهل انجرافهم مع التيار ،واقصد تيار المصالح الضيقة والمنافع الشخصية الذي انتقده جلالة الملك وحمله مسؤولية حل المجلس السابق، فإنني اعتقد بأنه يتوجب على الجميع من كتاب وصحفيين وإعلاميين ومواطنين حزبيين ونقابيين وعاديين، من انتخب ومن قاطع كل في مجاله أن نراقب أداء النواب بدقة وجرأة وأن نكون في نقدهم البناء أكثر حدة، يجب أن نحاول استنهاض هممهم وشحذها ليبذلوا جهداً أكبر في المراقبة والتشريع وإيقاف تجاوزات الحكومة وتوغلها في كل المجالات ،وأهمها إيقاف توغلها على جيوب المواطنين،هذا البترول الذي لا ينضب والمصدر السهل لتغطية عجز و فشل أية حكومة في إيجاد حلول أخرى ولا يحتاج لعبقرية أو فهم.
يجب مراقبة النواب حتى يضطر من يتخذ من النيابة شيخة ومنصب للتكسب وتنمية للموارد إلى تغيير منهجه وسلوكه والعودة للطريق السليم، ولنهاجم من يغرد خارج السرب ونعريه أمام ناخبيه وأمام الآخرين ونشهر بأي مكتسب غير قانوني له من تعيينات وبعثات وأموال ،وهكذا نكون غير سلبيين، ولسنا بالتنظير والانتقاد والتحليل مكتفين، و قادرين على الحصول على مجلس يكون نواة للتغير .
يجب أن لا ننتظر أربع سنين قادمات من اجل التغيير ،وانتظار قدوم نواب من طينة وصفي أو حتى نواب مجلس 89.