حسان الرواد
ذات يوم وبسبب تسهيل وزارة الزراعة استيراد المنتجات الزراعية من (إسرائيل) ومنها المانجا, فقد اعترض من اعترض في حينها, وتم تنفيذ اعتصام على ما أذكر أمام مبنى الوزارة احتجاجا على ذلك, مستذكرين الذين اغتصبوا الأرض والعرض... وبصراحة فرحت كثيرا آنذاك لهذا الخبر ( خبر الاحتجاج) رغم استخدام القوة مع المحتجين؛ لأني أدركت أننا ما زلنا نتذكر أن هؤلاء الغرباء هم الذين جاؤوا من كل أصقاع الأرض ليحتلوا أرض فلسطين, ويستبيحوا أعراض المسلمين غير آبهين لا بالقوانين الدولية المفصّلة والمحبوكة لنا نحن, ولا بالأخلاق البشرية المطالبين نحن اليوم من منظمة هيومن رايتس بتطبيقها معهم حرصا على مشاعرهم, فقتلوا ودمّروا وشرّدوا وفعلوا كل الشرور الموجودة في قواميس الشرّ, بل ابتكروا وأضافوا له من الفنون التي لم يسبقهم إليها أحد فكانوا في طليعة هذا الشر وبامتياز... عندها أيقنت أن من استورد المانجا لابد أنه سيندم شرّ ندم, فخسارته بالتأكيد أمر قد حُسم....
فقلت ما دام الناس يتذكرون فنحن بألف نعمة, كما أن القضية الفلسطينية ما زالت في النفوس حيّة. وبينما أنا في سوق الخضار وسط مدينة الزرقاء كانت الدهشة..؟! فما رأيته لا يبعث في النفس إلا الحسرة والألم والصدمة.؟؟؟ المانجا على أكثر من بسطة, حتى من كان متخصصا في البطاطا, أو البندورة والزهرة تحول إلى بيع المانجا, وقد تعالت الأصوات في الصراخ الشديد لدرجة البحة, كيلو المانجا بدينار ونص, وآخر ينافسه بدينار وربع ....؟؟ نظرت حولي وأنا في صدمة يمينا شمالا لعلي أجد من يفرض عليهم بيعها بالقوة, فلم أجد, عندها أيقنت أن الدرهم والدينار عند بعضهم يساوي كل قضايا الأمة, فلا يهمه إن كانت هذه المانجا أو أي بضائع أخرى سواء كُتب عليها صراحة صنع في (إسرائيل) أو لم يكتب وتم التضليل, المحصلة واحدة عند عبد الدرهم والدينار وهو الربح ولا شيء غيره ولتبقى القضية كدستور غربة في خُرج حمار غوار....
لكن توقفوا: فما زال فينا من هو حي, هنا قالت لنا سلوى البرغوثي بصوت فاق كل أصواتهم النشاز,وجعجعتهم عن الوطنية من المغرب العربي حتى الحجاز, قالت لهم جميعا: لا ربح اليوم ولا دراهم معدودات... اخرجوا فلا مكان لكم عندي فأنتم من أنتم, من أخذ بيتي ودنس عرضي, وشرّد أهلي, وقتل جدي وأبي وأمي وولدي واغتصب كل أرضي...فلم يُبح صوتها كما بُحت أصواتهم, بل بات صوتها الغاضب نشيدا ولحنا وطنيا هزّت به مشاعرنا التي بردت, وأيقظت أحاسيسنا التي نامت, لدرجة أن منظمة هيومن رايتس قد سمعت نشيدها فخشيت أن تعود لنا ألحان موطني من جديد ولسان حالك يا سلوى يصرخ و يقول:.....
مَــوطِــنِــي مَــوطِــنِــي
الشبابُ لنْ يكِلَّ هَمُّهُ أنْ تستَقِـلَّ أو يَبيدْ نَستقي منَ الـرَّدَى ولنْ نكونَ للعِــدَى
كالعَـبـيـــــدْ كالعَـبـيـــــدْ
لا نُريــــــدْ لا نُريــــــدْ ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا
لا نُريــــــدْ بـلْ نُعيــــدْ
مَـجـدَنا التّـليـدْ مَـجـدَنا التّليـدْ
مَــوطِــنِــي مَــوطِــنِــي
فهنيئا لنا بك يا أخت الرجال وابنتهم, فما زلنا أحياءً بك, و قضية فلسطين حيّة لن تموت رغم كل شيء...
rawwad2010@yahoo.com