مما لا شك فيه ولا مجال للاختلاف بين اثنين، أن المستوى التعليمي في جامعاتنا الحكومية والخاصة بات من أعلى مستويات العلم والمعرفة والتدريس الجامعي ، فسمعة الأردن ( والحمد لله ) في مجال التعليم العالي عالية في كثير من دول العالم العربي والإسلامي من حيث المناهج والنخبة الراقية من أساتذة العلم والمعرفة .
كل هذا يبشر بالخير .. إلا أنني سأترك هذا الجانب من الحديث عن الجامعات وهنا اقصد الحكومية منها لأنني لم أتعامل أو أجرب الجامعات الخاصة ، وسأطرق باب الدائرة المالية في الجامعات الحكومية ، فقد توجه أحد الطلاب بسؤال إلى مدير الدائرة المالية في إحدى الجامعات الأردنية ودار بينهم حديث ، مفاده أن الطالب خريج ويتمم أوراق براءة الذمة من الجامعة ، حيث أن سفره في موعد قريب جداً ففوجئ بأن عليه دفع مبلغ ( 20 ) ديناراً بدل ( روب التخرج وحفل التخريج ) وقد كان الطالب منطقياً في الطلب والسؤال فقال أنا لا أريد حضور الحفل ولا أريد روب تخرج فلماذا أدفع؟..أنا ادفع مالاً مقابل خدمة أو أن تعطيني شيئا بدلا من المال؟ وأنا هنا لا أريد الخدمة فلماذا ادفع ثمنها ؟.. وتمت إجابته بأن هذا هو النظام الموجود لدينا ، فلا براءة ذمه إلا بالدفع .
اترك هذا وخذ ما هو أروع و أكبر إذا قبل الطالب في الجامعة ( سنة أولى ) وقرر أن يترك بسبب ما قبل أن يلتحق في أي مساق داخل الجامعة ، فلا يعاد له سوى التأمينات مع أنه يدفع مبلغاً ليس بالهين . إذا قررت أن تواصل طموحاتك وتكمل الدراسات العليا في جامعاتنا الأردنية فعليك أن تدرك أن شرط القبول هو دفع مبلغ ( 45 ) ديناراً لتقديم امتحان التوفل، وقد لا ينجح الطالب من أول مرة فيضطر الطالب لإعادة الامتحان أكثر من مرة لنجاح فيه ولا أعرف ما حاجة طالب اللغة العربية أو طالب في كلية التربية بأن يدرك قواعد التوفل الانجليزية قراءة وكتابة واستماع وإذا لم تنجح فيه وهذا الاحتمال الأكبر طبعاً فعليك تسجيل مادتين بديلتين لبرنامج التوفل وتُحاسب على سعر مادة الماجستير أو الدكتوراه.
أما المكتبة فيا لها من ليلة إذا استعرت منها كتاباً وتأخرت في اعادته والهلاك إذا ضاع منك فالغرامات هي سبيلك للخلاص وذلك بدفع ضعف ثمن الكتاب أو حتى ضعفين في حال فقدانه ، وإذا اضطررت لتصوير ورقة داخل المكتبة فعليك أن تزور الدائرة المالية وتشتري بطاقة ناصعة البياض فارغة ثم تدفع قيمة الشحن لتغنم بورقاتك المصورة .
وسيارتك إذا أردت إدخالها إلى الحرم الجامعي فعليك أن تدفع لها أيضاً مبلغاً من المال حتى تأخذ إذن الدخول إلى موقف الجامعة..... ، لقد درست مرحلة البكالوريوس وها أنا أكاد أنهي مرحلة الدراسات العليا في نفس الجامعة وأنا أدفع لهم رسم المطبوعات وادفع لهم رسم صندوق البريد ، ولا بريد لي ولم يعطونني يوماً جريدة..... ما دمت طالباً في الجامعة وانأ منتظم الدراسة فلماذا ادفع في كل فصل دراسي بدل هوية جامعية ، ولماذا ادفع بدل نشاط طلابي لم أقم به ولا انوي القيام به .
القصة إذاً كلها جمع أموال ( وتدبير حال ) كل جامعة تحاول أن تلملم أمورها المادية من جيوب طلابها ، والمشكلة أن الأمر إجباري ولا مجال للنقاش أو الحوار مع من كان فلا تحاول ما دمت في الجامعة عليك أن تدفع دون نقاش أو سؤال ، حتى بات الأمر ملفتاً ويشكل في مجملة عبئاً على الطلبة وأوليا الأمور ، فلا بد من إعادة النظر في كثير من البنود التي تثقل جيوبنا وجيوب أهالينا , والله من وراء القصد .