زاد الاردن الاخباري -
مشاكل العمال أشكال وألوان ، فمعظمهم لا يتمتعون بضمان اجتماعي يغطي فترة الشيخوخة "نهاية الخدمة" ، ومنهم من لا يحصل على حقه في التأمين الصحي ، ومنهم من يذل أمام قرارات التسريح الجماعية للعمال الاردنيين والمهاجرين ، ومنهم من يعاني تأخيرا في صرف أجورهم الشهرية ، ومنهم من ينتظر تنفيذا للتشريعات الاجتماعية والاقتصادية لحمايته من أخطار العمل.
والاسوأ حالا بينهم هم هؤلاء الذين يتقاضون اجورا لا تتعدى الحد الادنى للاجور 150" دينارا" ، فهذه الفئة مغيبة تغييبا تاما عن خطابات المطالبين بانصاف العمال في الاردن. وهناك من ينتظر رقابة حكومية على المنشآت والمؤسسات الصناعية لضبط استعمالها للسلامة المهنية والصحية في مواقع العمل ، وهذه الشريحة كبيرة وأصوات عمالها وقياداتها النقابية تتقاطع بين مختلف القطاعات الانتاجية.
وتشير دراسات وإحصاءات عن العام الجاري 2010 الى وجود الاف من العمال في الاردن ييبلغ دخلهم أقل من الحد الادنى للاجور ، واذا جرى احتساب الزيادة الاخيرة التي أقرت على الحد الادنى للاجور العام الماضي ، مع افتراض أن أصحاب العمل التزموا بتطقبيها ، ورغم ذلك فان حجم هذه الشريحة لم يتغير ، بل انه في ازدياد.
ومن بين الاف العمال الذين يتعرضون لاستغلال تعبهم وجهدهم اليومي في العمل ، عمال شركات خدمات النظافة العامة والخدمات المساندة ، فهؤلاء لا يتقاضون أجورا حتى اليوم تزيد عن 150 دينارا مع ساعات العمل الاضافي وبدل العطل وغيرها من الامتيازات التي من الملزم ان يحصل عليها العامل بعيدا عن الحد الادنى المقرر رسميا بذلك المبلغ.
وتوضح "إسلام" ، وهي أردنية تعمل في شركة للخدمات المساندة والنظافة في أحد مستشفيات عمان الحكومية ، رحلة بحثها عن العمل وكيف وصلت في نهاية المطاف الى هذه الشركة التي تشغل 200 عامل وعاملة بينهم 120 عاملا وافدا يعملون في مهنة النظافة واعداد الطعام.
وتقول إنها دخلت الشركة كتجربة ، ومن ثم جرى تعيينها براتب 150 دينارا منصوص عليه في العقد المبرم بين الطرفين ، ولكنها في الحقيقة - كما تؤكد - تتقاضى 120 دينارا شهريا لا تكفي مصاريف المواصلات والطعام والشراب.
وإن كانت معاناة إسلام بأجرها الذي لا يكفي أجورا للتنقل والطعام ، فإن معاناة محمد وهو عامل اردني يعمل في قطاع الانشاءات أكبر وأشد وجعا ، فقد تعرض لاصابة عمل أبقته في المستشفى نحو شهر ونصف ولم يتكفل صاحب العمل بكلفة العلاج كونه غير حاصل على بوليصة تأمين على مشروعه وآلياته.
ومصير "محمد" الذي عمل في الشركة نحو 10 اعوام ، ما زال مجهولا لاصابته بتشوه خلقي دائم في يده جراء اصابة عمل ، ورغم أن قانون الضمان الاجتماعي يكفل للعامل تعويضا ماليا تقدره لجنة طبية متخصصة في حال تعرضه لاصابة اثناء أوقات العمل ، فان محمد ، وهو في العقد الرابع من عمره ، لا يشمله القانون كونه غير خاضع للضمان الاجتماعي ، ما يزيد معاناته تأزيما.
ارتفاع معدلات إصابات العمل بات يقلق قيادات النقابات العمالية "نقابة عمال البناء ونقابة المناجم والتعدين ونقابة البلديات ونقابة الخدمات العامة والمهن الحرة"التي دعت مرارا الى تطوير التشريعات لضمان معايير وطنية متطورة للسلامة والصحة المهنية ، وتفعيل رقابة الحكومة على المنشآت الصناعية والانتاجية والانشائية للتأكد من التزامها بتطبيق قانون العمل وتوفير بيئات عمل مناسبة وملائمة تحد من الارتفاع الجنوني لحوادث "اصابات العمال" ، فلا يمر يوم الا ونسمع أو نقرأ عن خبر يشير الى سقوط عامل من بناية أو تعرضه لاصابة كبتر يده أو حرق في جزء من جسمه نتيجة تعرضه لاصابة عمل.
ويقول رئيس النقابة العامة للعاملين في البناء والاخشاب والتشييد محمود الحياري ان النقابة طالبت وزارة العمل بتكثيف حملاتها التفتيشية على مواقع العمل ، وإصدار مخالفات للمنشآت التي لا تلتزم في تطبيق المعايير الوطنية للسلامة المهنية.
ويشير الى أن النقابة تكفل للعمال الذين يتعرضون للاصابات إيصال شكواهم الى إدارات الشركات ومتابعتها للتأكد من التزام الشركات بتعويض العمال المصابين والتكفل بدفع فاتورة علاجهم.
الدستور