زاد الاردن الاخباري -
أحمد الحراسيس - ما الذي يجب على الأردني أن يفعله حتى ينال خدمة مميزة تليق به وبانسانيته؟! هذا سؤال جوهري يجب أن يُطرح في ظلّ ما يُقدّمه المواطن للدولة من ضرائب ورسوم وصحة ما عادت على ما يرام في ظلّ الجهد الكبير الذي يبذله للتعايش مع سياسات الحكومات المتعاقبة..
الواقع أن الاجابة جاءت واضحة من خلال بعض الاجراءات والتصريحات التي شهدناها وكان اخرها ما كشفه الزميل الكاتب الصحفي ماهر أبو طير من استيفاء سبعة دنانير من المسافرين الراغبين بالحصول على "خدمة سريعة" لختم جوازاتهم في المطار، ومن قبله قرار دائرة الأحوال المدنية بافتتاح مكتب الخدمات المستعجلة والذي يُقدم للمواطن الخدمة خلال دقائق نظير دفع 25 دينارا اضافية..
تلك الاجابة تكشف واقعا بائسا يعيشه الأردنيون اليوم؛ فالحكومة والدولة قادرة على تقديم أفضل الخدمات للناس، ولكن مقابل أن يدفعوا مزيدا من الأموال!
تخيّلوا أن كلّ الضرائب والرسوم التي يدفعها المواطن للدولة -وهي من بين الأعلى على مستوى العالم- غير كافية لحصوله على الخدمة اللائقة به، وأن عليه دفع مبلغ اضافي للمؤسسة الخدمية من أجل تحسين الخدمة، فهو مضطر لدفع سبعة دنانير من أجل أن ينتقل من طابور طويل في المطار إلى طابور أقلّ طولا، ومضطر لدفع 25 دينارا للحصول على وثيقة رسمية خلال دقائق بدلا من انتظار ساعات في بعض الأحيان!
وتخيّلوا أن يجري تعميم تلك الفكرة على جميع القطاعات؛ فيصبح تلقّي خدمة صحية لائقة مرهون بدفع مزيد من الكلف والأموال للمؤسسات الصحية العامة، فيجري تخييرك بين البقاء على طابور الصيدلية الطويل في حال كنت تتلقى العلاج على حساب التأمين الصحي أو الانتقال إلى طابور أقصر مقابل دفع مبلغ اضافي، وتخيّلوا أن يصبح تلقّي خدمة تعليمية ملائمة مشروط بدفع الناس أموالا اضافية تُجنّب أبناءهم الجلوس في غرفة صفية تضمّ 50 أو 60 طالبا.
ماذا لو أصبحت وزارة العمل أو وزارة المياه أو شركات الكهرباء تعمل بتلك العقلية، وماذا لو أضحى حصولك على الخدمات في أمانة عمان بسهولة ويسر مرهون بمقدار ما تدفعه؟
لماذا لا تزيد الحكومة عدد الموظفين الرسميين والنوافذ المخصصة لختم الجوازات في المطار، ولماذا لا يحصل الجميع على خدمة سريعة في دائرة الأحوال المدنية، ولماذا لا تزيد عدد نوافذ المحاسبين والصيادلة في المستشفيات، ولماذا تكون عدة "كاونترات" في بعض المؤسسات بدون موظفين يقدمون الخدمة للمواطنين؟
لا يمكن أن تكون هذه ملامح "العقد الاجتماعي الجديد" الذي جاء به رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز والذي قال إن من أساسياته تقديم خدمة للمواطن توازي ما يدفعه من ضرائب.. ولا يمكن أن يكون هذا هو الفهم الرسمي للتحوّل من الدولة الريعية إلى دولة الاعتماد على الذات أو الاعتماد على جيب المواطن..