منذ القدم كان للسفراء دورا بارزا،حيث أنيط بهم حمل الرسائل إلى الخلفاء والسلاطين والملوك والأمراء ،وما سفراء الخليفة العباسي هارون الرشيد لشارلمان الإمبراطور الألماني،الا صورة نقلتها لنا الروايات التاريخية.
من أهم ميزات السفراء الحكمة والكياسة في القول والعمل،فالسفير يمثل مقدمة لبلادة،فان كان على قدر من المسؤولية الوطنية أسهم في رسم صورة غاية قوية غاية في الرقي،وإن كان غير ذلك أسهم في ضعفها وهدم صورتها .
لو أردنا الوقوف عن كلمة العمل لقلنا أنها تعني فيما تعني تقديم صورة راقية عن البلد والشعب والقيادة سواء أكانت هذه الصورة السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم الثقافية، باعتبار السفير عامل ربط ،فهو عنوان الرسالة لدول العالم ،أليس\"المكتوب يقرا من عنوانه\".
لا تخلو دولة في العالم من سفير لنا، هذا الأمر ايجابي،ودليل واضح على مسموعية الأردن في الخارجية، وعلاقته الايجابية في المجتمع الدولي،كما يوجد للدول سفراء في الأردن،منوط بهم تحسين العلاقات بين كلا البلدان بشتى الصور.
لنأخذ مثالا عن دور السفارات وطاقمها في رفد المركز بسيل المعلومات والاستثمارات،التقارير،حتى الأبحاث،وإقامة المؤتمرات(....)،وإسهامها في رسم صورة الدولة المستضيفة ورسم صورة الدولة الأم في عيون الآخرين،حتى وان كانت تعتمد على الأسلوب ألاستخباراتي البحت،فالمعلومة القادمة من الخارج عن أي شي لها دور في فهم طبيعة الدول ونظرتها إن خيرا فخير وإن شرا فشر،وهي في عين الوقت لا تقدر بثمن.
هزت أركان العالم بعد تسريب وثائق ويكيليكس التي أبانت عن الدور الفعال للسفارات الأمريكية حول العالم وحرصها على جمع المعلومات ودراستها تمهيدا لاختراق الدول سياسياً و اقتصاديا،ثقافيا واجتماعيا.
لقد كانت البرقيات غاية في الخطورة والأهمية،كون – المعلومات - التي أبرقتها السفارات الأمريكية خضعت للتحليل والدراسة،وأسهمت لحد بعيد في حماية البلاد من الأخطار التي تهددها،هذا بحد ذاته حق مشروع لا يستطيع احد أن يسلبها او ينكره عليها.
السفارات الأردنية في الخارج في غالبيتها لا دور لها في هذا الإطار،لا دور استثماري اقتصادي،ولا دور سياسي اجتماعي ثقافي،قد يقول قائل ان سفاراتنا في الخارج تعاني من مرض\"شح الأموال\" فنقول لهم:ما بال حفلات الاستقبال وحفلات العلاقات العامة والمناسبات الوطنية التي تصل تكلفتها في بعض الاحيين الى مئات الآلاف الدنانير،بمقابل غياب جهد السفارات حيث لا تثمر في حدها الأدنى طوال فترة عملها عن استقدام مشروع استثماري واحد.
لم نسمع من ذي قبل عن مؤتمر أعدته السفارة الأردنية في واشنطن او لندن او باريس او طوكيو او بكين،يشرح الدور الأردني وبأهميته،او لاستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات وزرعها في أرضنا الخصبة،أحقا يوجد لنا سفارات في هذه الدول،أحقا يوجد مؤتمرات،قد يقول قائل بلى يوجد،لكن لما يتم التعتيم عليها وإخفاءها وكأنها سر من أسرار الدولة. يا ترى ما هو السبب،لعل المانع خيرا(...).
لما تصر وزارة الخارجية على حصر دورها فقط بشخص الوزير،وحصر دور السفراء في إرسال برقيات للخارجية في حين تغط بنوم عميق في أماكن تواجدها،لقد اختصر دور الخارجية بملف السلام،بمقابل إسقاط غيرة من الملفات التي باتت خارج حساب الخارجية والسفراء في حين أن الدور المنوط بهم كبير جدا.
مثال لم اقرأ مسبقا عن لقاء تلفزيوني او صحفي مع سفير أردني،تحدث به عن الدور الأردني السياسي او قام بالترويج له اقتصاديا او سياحيا او ثقافيا،يا ترى ما سبب هذا اهو ضعف في السفراء ام قصور في علاقتهم ام بسبب سلب لوظائفهم وحصرها بالوزير الخارجية. إضافة الى ذلك يا ترى ما هو حال رجال الإعمال الأردنيين أصحاب التجارب الناجحة،هل ثمة اتصال بينهم وبين أركان السفارات،وما بال المكاتب الإعلامية في السفارات الغائبة كليا عن الواقع،هل يتم دعم المستثمرين الأردنيين في الخارج من قبل سفاراتنا،هل يتم اجراء لقاءات من قبل المكتب الإعلامي لرفد الماكينة الإعلامية والصحفية الأردنية بتجاربهم الناجحة وعرضها على صفحات جرائدنا الأردنية.
تغييب دور السفراء في غالبيته أضحى أمرا مدروسا ممنهجا ملموس، يحتاج الى أعادة دراسة وتعريف،هذا ان أريد للسفراء القيام بما ينبغي عليهم القيام به.
لا نريد للسفراء أينما كانوا مع احترامنا لهم مجرد ان يكونوا مجرد موظفين عاديين لا يتقنون الا فنون العلاقات العامة وفنون الاستقبال والوداع وفق صور\"جاء السفير،ذهب السفير،نام الوزير ضحك السفير غضب السفير تزوج السفير طلق السفير\"السفارات يا اخوان ليست مكاتب علاقات عامة كما قلنا وليست مكاتب اعلانية،بل هي مكاتب وطنية متقدمة وظيفتها عرض التجربة الأردنية بصورة ايجابية بيضاء لا سلبية سوداء.
تجدر الإشارة الى ان سفارات لها ادوار غاية في الرقي المقرون بالعمل والجهد،كما لها دور في جلب استثمارات ضخت الملايين في السوق الأردني مما كان لها كبير الأثر في تشغيل أبناء البلد.... نتمنى ان تعيد سفاراتنا في الخارج رسم سياساتها من جديد في تعاطيها مع الدول المستضيفة،لا الرضا بدور رجال في مبنى لا وظيفة لهم الا احصاء عدد المغتربين الاردنيين واستقبال كبار الشخصيات،من المفترض ان تغضب هذه الجمل بعض السفراء،لذا نعلن ان السفارة ليست في العمارة،بل هي موجودة في دروب الفعل السياسي الذي يساير الدولة ونظرتها المستقبلية. الله يرحمنا برحمته .... وسلام على اردننا الهاشمي ورحمته من الله وبركه.
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com