ممدوح أبو دلهوم
[ كرة الثلج التي تتقاذفها عواصم هذا الكوكب بعامة والشرقين الأوسط و الإسلامي بخاصة ، والتي سنترها جوليان أسانج في وسط ملعبه الإلكتروني ويكليكس ، وأطلقها بقدم فأرة موقعه نحو الملاعب الدولية المستهدفة كافة ، ما زالت في حضانة التكوين والقياس هنا على ما هو آت وما نشر قليله فكثيره مرعب ، فالبداية أمس كانت الوثائق الرسمية الدبلوماسية السرية الأميركية المتعلقة بالعراق وأفغانستان ، واليوم راحت تتخصب له لغة الوثائق كي تنسجم مع وئاثق واشنطن حول المشروع النووي الإيراني ..
أما غداً والكرة بالقطع ما زالت تتعاظم ساعة إثر ساعة ، فالتعداد أمام الآلاف سيضع التواضع جانباً في حضرة الملايين من الوثائق ، فقد تبلغ الذروة إلا أن تسبقَ قارعةٌ ما تحلُّ بالناشر الأشهر غلوبلياً هذه الأيام ، حين تصبح الأمور ومن يدري وجها لوجه مع أسرار ( 11 سبتمبر) على وجه التدليل لا التمثيل .
لماذا وصفها بالكرة الثلجية ؟ فلأنها لكذلك أو ستكون كذلك ولو على الأقل وفق المنظور الأميركي الساخن ، فحتى تاريخه (5/12) لم تضع السيدة واشنطن دي سي (الخارجية و الدفاع البنتاغون و الـCIA ) قرداتها على طحينات السيد أسانج !، و ما تقاطر من أخبار الميديا الغربية حول رجل الساعة وأعني ناشر ويكليكس ، بدا حتى تاريخه متضارباً و يمكن إختزال خلاصته بين لندن و زيوريخ و ربما ستوكهولم ..
و مهما يكن فإن القضاء السويدي وبحبكة قد تكون أميريكية ، يلاحق أسانج مطالباً بمحاكمته على خلفية تهمة إغتصاب ، وبالمناسبة فهو حالياً في لندن قادماً إليها من زيوريخ حيث يقيم ، ذلك أن القانون سمح لجوليان وهو بالمناسبة أسترالي الجنسية بالإقامة على الأراضي السويسرية ، على أن رئيس الأكوادور قد رحب بإستضافته والسبحة ما زالت تجر ، ومن يدري فقد يفوز الرئيس هوغو شافيز بهذه الحظوة ، مع أن قصره في العاصمة الفنزويلية يستضيف حالياً و برغبته شخصياً 35 عائلة منكوبة ، أما لندن فمحامي جوليان فقد نقل موافقته إلى الشرطة الإنكليزية بمحاكمته على الأراضي البريطانية .
تصريحات وزير الخارجية الأمريكي روبرت غيتس في واشنطن قبل أن يطير إلى مسقط ، المتزامنة مع زيارة الرئيس أوباما إلى القوات الأميركية المتواجدة في أفغانستان ، قد نسفت كل كمائن هذا الكنغ كونغ الإلكتروني الإستخباراتي بمخرجاته إي بنتائجه على أرض الواقع (!) وبأن هذا الويكليكس بقضه وقضيضه مجرد طارئ ثلجي سيذوب في حينه ، وبأنه ليس ووتر غيت أخرى ولا ما يحزنزن ..
قال الوزير غيتس وبما لا يدع هامشا للتأويل أو مجالاً للمناورة ، بأن قادة هذه الدول ويعني بالتأكيد صناع القرار في الشرق الأوسط و العالم الثالث بإجمال ، هم الذين يتقربون من الولايات المتحدة و يتبرعون دون طلب منها بتقديم الأسرار العسكرية والمعلومات الإسترتيجية (!) أما جون بولتون السفير السابق والذي سيرشح نفسه للإنتخابات الرئاسية الأميركية القادمة ، فلم يخف موافقته على ما قالته الوثائق حول أراء متنفذين كبار في الدول آنفاً ، و بأن ضرب أميركا لإيران و لو من تل أبيب لا يشكل خطراً كارثياً على منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي .
أما آخر ما يمكن تحريره بشأن الفصل بين الثلج والنار على ملعب ويكليكس ، فهو يكمن في سؤال القرشين ونصف التالي : أولسنا نعرف هذه الحقائق؟ نساط بها منذ عقود بإلكترون مثل هذه الوثائق ؟ ومن لا يصدق فليقرأ في تصريح الرئيس الاميركي حول فشل واشنطن في إنجاح مفاوضات الدولتين ، ومن يريد إستزادةً فليعصر على مزاجه القومي ليموناً بارداً ، كي يستوعب إبتسامة الرضى الباردة على شفتيّ نتنياهو فور تصريح أوباما آنفاً ، إبتسامة باردة أجل ربما كي يخفي حقيقة أن النار ، مازالت حتى الساعة تلتهم بجشع لاهب شجر الكرمل الذي كان !!!]
Abudalhoum_m@yahoo.com