قد نتخندق خلف فكرة نعتبرها او يعتبرها البعض احد أهم أهدافه في الحياة ، يعلنها على الملاء ويتمسك بها حد القتال ، لكنه ينسى او يتناسى ان أية فكرة او عقيدة او فلسفة نود التمسك بها او الدفاع عنها تحتاج للمعرفة والمصداقية والثبات في المواقف ! وإلا ما فائدة أن تحمل فكرة غير موجدة إلا في عقل أفراد او في صفحة كتاب تطل برأسها في مناسبات محددة لا تتجاوز الخمسة أيام في العام !.
مقاومة التطبيع وبغض النظر عن موقفي منها ونجاعتها والإيمان بها فقد بدأت الفكرة كفزعة إعلامية تنادى إليها البعض ممن عارضوا عملية السلام مع إسرائيل وخشيوا على البلاد من تأثيراتها وانشئوا على إثرها لجان ومنتديات ومراكز متعددة لم ندري ولا نعلم حجم الانجازات التي تحققت منذ إنشاء الفكرة التي وجدت في الأحزاب الإسلامية واليسارية وبعض الرموز داعما لها ، ولا اعتقد جازما أنها حققت أية انجازات لغياب الرؤية التكاملية لتلك الفكرة وانشغلت فقط بإصدار فتاوي كان أبرزها أن زيارة القدس والصلاة في الأقصى تحت حراب الاحتلال و الحصول على تأشيرة من سفارات إسرائيل يعتبر عملاً محرماً من الناحية الشرعية و الوطنية والسياسية !! كما حرمت إقامة أية علاقة اقتصادية وسياسية مع إسرائيل ونددت بوجود مكاتب ثقافية تتيح المجال للطلبة الدراسة في إسرائيل وهي أفكار تجد لها الأذان الصاغية والدعم الشعبي المحدود بسبب معضلة العمل نفسه وليس الفكرة بحد ذاتها لما تمثله إسرائيل من خطر على هذه الأمة بسبب سياساتها التوسعية وممارساتها الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني .
لم نر سوى إعلام ونشرات وخطابات لم تتعدى تأثيراتها أذان الناس القلائل الذين يتابعون خطاب مقاومة التطبيع ولم تعد قانعة بها ، فالقائمون على \" المقاومة \" هنا من أحزاب وشخصيات يعانون من مشكلات داخلية وصراعات حزبية تفوق تفرغهم للعمل هذا ، ومواقفهم السياسية تجاه الوطن والنظام يتمثل فقط في معارضة ورفض واضح لمعظم سياسات البلاد كما جرى في مقاطعة الانتخابات في البلاد بلدية او برلمانية او في موقفهم من قضايا وطنية وقومية كبرى على مدار العمل السياسي الذي اختلطت فيه رؤياهم الحزبية مع فكرة مقاومة التطبيع ، فطغت الأفكار الحزبية والمصالح الشخصية على مواقف المقاومون للتطبيع فتداخلت المواقف وتاهت الأفكار وتشتت المتلقون من الناس في أي إطار توضع سياساتهم ومواقفهم .
ليس المهم الفكرة التي نتداعى إليها فقط بقدر أهمية المصداقية والرؤية الواضحة والثبات في المواقف لمن يحمل هذه الفكرة ، ولا اعتقد ان من يدعو لمقاومة التطبيع من المكان والرؤية الواضحة قادرين على نشرها وجمع الناس حولها ، اذ تبدو مقاطعتهم مرهونة من جانب اخر من جوانب ضعفها بالفزعات في المناسبات الوطنية للشعب الفلسطيني فقط او مرهونة بالأحداث السياسية في المنطقة ولا ترتبط بأية نشاطات او مناسبات تهم بلادنا ، فتظهر مواقفهم المتعلقة بالمقاطعة ومقاومة التطبيع متداخلة ومتمازجة مع مواقف تتعلق بشأن أردني داخلي لا علاقة له بمقاومة التطبيع ، بحيث تعتقد لوهلة ان من يدير بلادنا يقبع في تل ابيب
وتلك احدى اكبر واسوأ معضلات هذه المقاومون للتطبيع !!