لا يمكن و لا بأي حال من الأحوال إدراج ما حدث في القويسمة من احداث مؤسفة تحت بند الإقليمية و العنصرية و الفتنة ، و التي سعى إعلامنا الرسمي بأنواعه المرئي والمسموع والمقروء و بعض الأبواق المساندة له لتصويرها لنا على هذا النحو المخالف لكل الشهادات الحية و المصورة ليثبت لنا و كعادته بأنه إعلام عاجز عن مواجهة الحقائق بعد ان دفن رأسه كالنعام وأخذ يردد اسطوانة مشروخة من التصريحات والتحليلات يدرك هو قبل غيره بطلانها وعدم صحتها، وللأسف فقد انساق معه في هذا الغناء بعض القنوات والبرامج الإذاعية الصباحية الغير رسمية دون ان تعطي الرواية الحقيقية أي أهميه.
لا أعرف لماذا يفعل الإعلام هذا الأمر، وفي هذه الحادثة خصيصاً، و لماذا يصر على تصوير ما حدث على أنه فتنة وعنصرية بين جمهورين يمتد كل منهما إلى أصول مختلفة المنبت متوحد الحاضر والمستقبل!
إذا كان ما حصل في القويسمة عنصرية وذبح للوحدة الوطنية، فإن كل ما حصل في مظاهرات السلط هو عنصرية ،وما حدث في اعتصامات عمال الميناء عنصرية، و صدامات الانتخابات الأخيرة ، وشغب الجامعات ، وفي أي حادث كان الأمن والدرك طرفاً فيه هو عنصرية!!!
ما حصل واضح وصريح دون انتظار قرارات لجنة التحقيق التي إن خرجت ببيان صادق منصف يضع اليد على الجرح و يشير بكل صراحة إلى الأسباب دون مواربة او مجامله فستكون هذه سابقة تاريخية تحسب لوزير الداخلية الجديد، فما حصل حسب رواية الجميع وبشاهدة الصور والفيديو ما هو إلا اعتداء صارخ من بعض أفراد الدرك الغير مسؤول والذي لا يمثل أخلاق ومبادئ هذا الجهاز الذي نحترم على جمهور أعزل أجبره على هدم السياج والهروب فحدث ما حدث، هذه هي الحقيقة التي سمعها ورأها الشعب على شاشات الجزيرة التي أصبحت المصدر الأول والرئيسي لأخبارنا التي نسمعها منهم قبل تلفزيوننا الذي يقبع في ظلماته يحتضر و ينازع ، و لست بهذا المقام بصدد الدفاع عن الجزيرة ولكن هذا الواقع مع استنكارنا لبعض العبارات التي وردت على لسان مندوبها في عمان بخصوص انهيار الوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية يا عزيزي لم تنهار لم تهتز بين الإخوة ، ولكن ثقة المواطن برجال الدرك هي من انهارت ، وما هذه الحادثة إلا حلقة في سلسلة طويلة من التجاوزات الفردية والتي لا تلقى أي حساب أو عقاب رادع.
و أوجه سؤالي أخيراً لكل من قلب الحقائق وأولها وطمسها وأقول لهم برأيكم أيهما اخطر على البلد و الشعب توجيه أصابع الاتهام إلى المتسبب الرئيسي في هذه الحادثة والمطالبة بمحاسبته، و شرح الوقائع دون تزيف ؟ أم محاولة إلقاء التهمة على كاهل العلاقات الأخوية وتحميلها لجمهور الفريقين وتصويرها على أنها فتنة وعنصرية والمطالبة المضحكة لبعض الإعلاميين بإقامة مباريات الفيصلي والوحدات بدون جمهور او إلغاء الناديين و دمجهما ، وكأنهم هم المذنبون وهم من تسبب بما وحدث ، وهم بريئون من هذه التهمة و ليس لهم فيها يد .
أرجو من إعلامنا إن يرتقي ويطور من نفسه ، وأن لا يبقى حبيس عقليته العرفية وبيروقراطيته المقيتة، كي لا يبقى الأردني يبحث عن أخباره في كل قنوات العالم إلا قنواته، وأجزم أن القائمين على صناعة الإعلام الرسمي يعلمون بأن الأردنيين لا يصدقون ما يقولون وبأنهم فقدوا رسالتهم و هدفهم ، وما يقدموه لا يتعدى كونه تعبئة لساعات البث ليس أكثر!