محمود عبد اللطيف قيسي
أي بني :
إنّ المرحلة الحالية الخطيرة التي تشهدها وتعيشها قضيتنا الفلسطينية لا شك أنها من أصعب المراحل وأسوئها ، بسبب التعنت والصلف الإسرائيلي الجامح لمعاداة شعبنا ورفض حقوقه بوطنه ودولته ، رغم جنوح شعبنا للسلام توافقا مع الرغبات والشرعيات الدولية والعربية ، وحبا منه للسلام لأنه شعب السلام في أرض السلام مهبط رسالات السلام ، وبسبب جموح قلة من شعبنا هائجين على الشرعية الفلسطينية ، ليس إلا طمعا بها وحبا بالجاه والسلطة ، فكانت أياديها القذرة الطامعة بالمال والجاه والرتب والراتب تصفق مع الأيادي الإسرائلية الناهبة للأرض ، والسارقة للإرث والتراث الوطني الفلسطيني ، والمدنسة لحرمة القدس والأقصى ، الأولى التي هي عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة ، والثاني الذي هو الحرم الثالث بعد حرمي مكة والمدينة التي لا تشد الرحال إلا لهما ، والذي وللأسف أفتى بعض الحاخامين المسلمين بحرمة زيارته ــ تحت حجة أنه يقع تحت الإحتلال ـــ وربما تظهر ويكي ليكس يوما إفتاءاتهم السرية بعدم جواز تحريره .
أي بني :
لقد راهنت إسرائيل وأعوانها على حتمية اندثار قضيتنا الفلسطينية ، خاصة بعد خروج القائد الفلسطيني الرمز ياسر عرفات شهيدا من الحياة السياسية الفلسطينية ، إلا أنّ ما لم تحسب حسابه إسرائيل جيدا هو تدخل القوة الإلهية التي حملت شعب فلسطين على اختيار الرئيس الفسطيني محمود عباس أبو مازن رئيسا لدولة وشعب وقيادة فلسطين ، كما وما لم تحسب حسابه أو تتوقعه منه هو تصميمه على قيادته بنفسه الهجوم الفلسطيني الكبير بخيار السلام عليها ، وهو ما أفقدها رشدها خاصة بعد تمكنه من تسليط الضوء على الذكاء والنبوغ السياسي الفلسطيني ، ومعرفته بالواقع الجيوسياسي العالمي والعربي والفلسطيني ذاته ، والذي كان مجتزءا غير ذي فاعلية طوال فترات الصراع الماضية ، وهو ما كانت تراهن عليه إسرائيل لبقائها واستمرار اعتداءاتها وتغولاتها ضد شعبنا وأرضنا ، وخدمها باستمرار لعبتها العدائية التصفوية ضد القضية الفلسطينية .
أي بني :
كانت في الأمس القريب أكثر دول العالم تنظر لإسرائيل على أنها الضحية وشعبنا الفلسطيني المكلوم هو الجلاد ، حيث كانت هذه المعادلة في تاريخ مسار القضية الفلسطينية من أكثر ما يأرق شعبنا التواق للحرية والسلام ويبعده عن نيل حقوقه الوطنية المشروعة ، وتبعد الآخرين من حوله عنه ، معادلة أفرحت إسرائيل وأسعدتها كثيرا ، وعملت دائما لبثها لوسائل الإعلام المختلفة لتوصلها للشعوب العالمية خاصة الغربية لضمان اصطفافها خلفها ، ولضمان بقاء شعبنا وحيدا يلعن أيامه ويجلد ذاته وبيديه ليحفر قبره ، خدمها بذلك بعض الأيدلوجيات الدخيلة للبعض الفلسطيني اللذين لا هم لهم إلا تنفيذ الأجندات الإسرائيلية والإقليمية ، أكثرهم لعبوا لعبتهم بقصد فاصطفوا بخانة الأعداء أو في مقدمتهم ، والقليل لعبوها غباوة فكانوا عارا وعبئا ومصيبة ، إلا أنه وبعد تولي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) لسلطاته الشرعية والدستورية ، انقلبت الصورة رأسا على عقب وبالطبع لصالح شعبنا وقضيته ، فقد أنكشف وجه إسرائيل الحقيقي كمعادية للسلام الذي يرغب به العالم ، ومهددة للأمن والسلام الدولي الذي يصر على تحقيقه ، ورافضة لحقوق شعبنا بالحرية والدولة ، وبات أعوانها مكشوفي الغطاء والرأس والرابط والمربط .
أي بني :
لقد استطاع الرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي لم يكن ممن وقع قول الله فيهم كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، ولكن ممن قال فيهم وأنك لعلى خلق عظيم ، فلم يعرف قلبه الكبير الحقد على مسيئيه لانه ملئ بالإيمان وبمحبة الله ، ولا نظرات الشر على الخارجين على المجموع والإجماع لأنه لا ينظر بعينيه الخيرتين إلا نحو ابناء شعبه الخيّرين ، وللأمام باتجاه المصلحة العليا لهم ، فقد كان نعم الأب والأخ والقائد ، فقد استطاع أن ينقل القضية الفلسطينية إلى قضية سياسية تفاعلية من الدرجة الأولى ، فهذه دول العالم تتوالى اعترافاتها بالدولة الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس ، فعل كان في عداد المستحيل فيما مضى من السنوات الحالكات ، ليس لأنّ الشعب الفلسطيني لا يمتلك الحق بدولته ، بل بسبب النفوذ العالمي لدول كبرى اصطفت وراء إسرائيل ظلما لشعب فلسطين وغلوا في الارض واستكبارا ، تمكن الرئيس الفلسطيني أن يحيدها أو يجلبها لصف قضيتنا ، فاليوم الارجنتين والبرازيل وغدا غيرهما ، حتى لم يعد في الساحة المحيطة بإسرائيل سوى أمريكا التي بدأت تعيد النظر بمواقفها لصالح قضيتنا ، وهو الاختراق الكبير الذي لا شك سيحققه الرئيس الفلسطيني بفضل صبره ونضاله ومثابرته ، وإصراره على الدفاع عن حقوق شعبنا بعزم وثبات ووضوح ، واقناع العالم برمته أننا شعب شريك حقيقي في صنع الأمن والسلام العالميين ، وأنّ إسرائيل هي النقيض والعدو للجميع المهددة للأمن السلم العالميين ، ولتعلم يا بني أنه لو كان فينا مثل الرئيس الفلسطيني أبو مازن بصفاته ومقوماته وبإيمانه بعدالة قضيته وقت حدوث النكبة أو ما قبلها ، لم تمر فصولها ونعيش أحداثها ونعاني آثارها ، بل لم تنجح إسرائيل في مسعاها ومرماها ، ولذهبت حيث قدر لها أن تكون .
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com