في البداية لابد من التأكيد على رفض وشجب واستنكار جميع الاردنين لاستخدام القوة والعنف من قبل قوات الأمن ضد المدنين العزل تحت أي مبرر , وعلية فإننا نسجل رفضنا وإدانتنا الكاملة للأحداث التي عقبت مباراة ألفيصلي والوحدات وما تعرض له جمهور الوحدات من عنف غير مبرر.
الأحداث ببساطة تتلخص بقيام رجال الدرك بضرب وإصابة بعض المشجعين ( لسبب ما ) مما أدى إلى تدافعهم نحو سياج الملعب الذي انهار بهم مما أوقع عدة إصابات أخرى , عدد المراجعين للمستشفيات وصل إلى (150) مراجع معظمهم ممثلين ( مدعين) لتهويل الحدث وتضخيمه غادروا المستشفى فورا أما الإصابات الحقيقية لا تتعدى (11) إصابة غير خطيرة (كدمات) حسب التقارير الرسمية ,.... حادثة عادية جدا وقد حصل مثلها وأكثر منها (إصابات ووفيات) في مناسبات أخرى وفي مختلف المحافظات. هنا نحن لا نبرر تلك الأحداث بل نرفضها ونشجبها ونطالب بمعاقبة المخطئين , ولكن السؤال المهم لماذا هذه الحادثة بالذات أخذت كل هذا الصدى الإعلامي والسياسي ؟؟ ولماذا أخذت كل هذا الاهتمام الشعبي والرسمي ومن أعلى المستويات ؟؟ بمعنى آخر لو أن تلك الأحداث حصلت لمشجعي فريق الرمثا أو شباب الأردن أو الحسين اربد أو أي نادي أردني آخر هل كانت ستأخذ نفس الاهتمام الإعلامي والسياسي ؟؟
الجواب بكل تأكيد ( لا ) كبيرة وذلك يعود لسببين :
الأول الهوية الأردنية : على الرغم من أن الدستور الأردني حسم مسالة الجنسية الأردنية إلا أنة وعلى الواقع لا تزال مسالة الهوية الأردنية والانتماء الوطني غير محسومة وشائكة ومتداخلة مع الهوية الفلسطينية لمعظم الاردنين من أصل فلسطيني , فقرار الوحدة بين الضفتين وقرار فك الارتباط بينهما ووجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين بالأردن وتحصيل عدد كبير منهم على جنسيات أردنية وعلى أرقام وطنية واحتلال الضفة الغربية وقرار حق العودة , كلها مسائل شائكة ومتداخلة أثرت بشكل كبير على ملامح وشكل الهوية الأردنية والانتماء الحقيقي لها , هذه حقيقة يدركها الجميع على الرغم من الإنكار الرسمي لها والتركيز على خطاب الوحدة الوطنية والأردنيون من شتى الأصول والمنابت إلا أنها مشكلة قائمة على ارض الواقع وما تلك الأحداث إلا نتيجة وإفراز لعدم نضوج وتجذر الهوية الأردنية والانتماء لها . وما فريق الوحدات بالنسبة لانصارة ومشجعيه إلا صورة من صور التعبير عن الهوية الفلسطينية والانتماء لها على الرغم من أن نادي الوحدات ( رسميا ) فريق أردني .
السبب الثاني التوظيف السياسي للأحداث :
يظهر ذلك من الاهتمام الكبير لبعض الرموز الأردنية من أصل فلسطيني أمثال النائب خليل عطية وطارق خوري وتبنيهم تلك الأحداث وإظهارها وكأنها قضية دولية يعدو الفلسطينيين بمتابعتها وملاحقتها لدى الدولة الأردنية \" دم الشباب لن يذهب هدر \" كما هددنا طارق خوري وكذلك خليل عطية قال بالحرف الواحد ومن على التلفزيون الأردني يوم السبت بحضور وزير الدولة للإعلام قال :\" اللي مسكتنا التحرك الرسمي السريع لتنفيذ مطالبنا \" والمستفز هنا كلمة \"اللي مسكتنا \" وكأنة يخاطب الأردن باسم دولة أخرى وهذه الدولة تنتظر نتائج التحقيق لتقرر الأخذ بالثأر و معاقبة الأردن أو لا .
وكذلك المتتبع لتصريحات رئيس نادي الوحدات ومعاونيه وتضخيمهم للإحداث إعلاميا ووصفهم لها \" بالمجزرة \"وتزوير الواقع ومحاولة الظهور بمظهر ممثل الفلسطينيين المضطهدين بالأردن ما هي إلا دليل على إخراج تلك الأحداث من بعدها وإطارها الأمني الداخلي إلى أبعاد سياسية أخرى للاستقواء بالخارج ومحاولة تصفية حسابات سياسية مع الدولة الأردنية و تحقيق مكاسب سياسية لأصحاب الحقوق المنقوصة (محاصصة , توطين ) على حساب الأردن وحساب القضية الفلسطينية.