تعيد وفاة الأردني محمد أمين النمرات في السعودية قضية المعتقلين الأردنيين في الخارج مجددا إلى الواجهة ومعاناتهم وأهلهم ما بين التعسف في القرار هناك والإهمال في المتابعة هنا.
النمرات (46 عاماً) من بلدة صمّا – اربد يحمل الدكتوراه في الصوتيات وذهب الى السعودية قبل 6 سنوات مدرسا جامعيا في حائل، واعتقل قبل 3 سنوات بتهمة فتوى جهادية وحكم عامين وتوفي قبل أيام في المستشفى بسبب تكسر صفائح الدم حسب ما نشر، لكن في التفاصيل أن الرجل أنهى محكوميته منذ نيسان الفائت وهو يعاني من قرحة مزمنة في المعدة ولم يطلق سراحه رغم كل المحاولات، فأضرب عن الطعام في أيلول الماضي ووجه أهله نداء إلى خادم الحرمين، وأثار النائب عن المنطقة صلاح الزعبي قضيته وتابعت الخارجية الأردنية الأمر لكن كما هو واضح من دون نتيجة، وأمكن فقط لحكومتنا أن تتكفل فقط بكلفة واجراءات نقل جثمانه إلى الأردن أول من أمس، وهناك أقاويل عن تعرضه للتعذيب، وليس هناك أي معلومات مؤكدة حول ملابسات الوفاة وسببها، وحسب المسؤول عن ملف السجناء الأردنيين في المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي عبدالكريم شريدة فقد تعرض أهل المتوفى لضغوط لعدم التحدث بالموضوع وتهديد بعدم تسليم الجثّة.
أيا كانت تهمة الرجل وأيا كانت تهم أردنيين في الخارج، حتّى لو كانت الصلة بتنظيمات متطرفة كما هو حال عدد من الأردنيين الذين التحقوا بـ”الجهاد” في العراق، فمسؤوليتنا ضمان العدالة وعدم بقائهم في السجون من دون محاكمة وضمان خروجهم من السجن بانتهاء محكوميتهم، لا بل بذل الجهد لقضاء محكوميتهم هنا في الاردن وفق الاتفاقات التي تتيح ذلك مع الدول على غرار ما أمكن انجازه مثلا مع العجلوني أقدم أسير أردني في إسرائيل بقضاء بقية محكوميته ومخفضة لبضعة أشهر هنا في الأردن. ولشديد الأسف ينبغي القول إن قضية المعتقلين الأردنيين في إسرائيل هي الأقل سوءا وغموضا؛ فأسماؤهم وقضاياهم وأحكامهم وأمكنتهم معروفة ووضعهم القانوني محدد. وليس الأمر كذلك مع الأشقاء.
وحسب المحامي الشريدة أيضا فهناك ثمانية أردنيين بعضهم مدة اعتقاله 8 سنوات من دون محاكمة!! ونحن لا نريد أن نقول كلمة سوء بحق الأشقاء في السعودية لكن حدوث مثل هذا الأمر ليس معقولا ولا مقبولا ولا يمكن السكوت عليه وقد تكون دبلوماسيتنا الاردنية شديدة اللطف في إثارة قضية هؤلاء، ولكن يوجد هنا أيضا رأي عام يجب أن تأخذه السلطات السعودية بالاعتبار، ونتمنى على سفارة المملكة الشقيقة أن تلعب دورا مساندا إزاء هذا الملف. طبعا الوضع ليس بأحسن مع الاشقاء السوريين والملف المزمن للمعتقلين الأردنيين هناك، وإنه لمن المدهش رغم كل التحسن في العلاقات والزيارات الحكومية والملكية ان يستمر هذا التعنت في معالجة قضية المعتقلين الأردنيين هناك وعددهم يناهز مائتين وخمسين معتقلا والكثير منهم مع الأسف الشديد مختفون ولا يوجد إقرار بهم، وبعضهم معروف وأنهى محكوميته وأثيرت قضيتهم في غير لقاء وبعضهم تقرر إطلاق سراحهم كهدية بمناسبة إحدى الزيارات ثم تم التنكر لهذا الوعد. والأشقاء العراقيون أيضا لم يقصروا في التنكر للوعود وقد أثيرت قضية المعتقلين هناك أثناء زيارة رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي لبغداد. وكان الأمل ان يعود بعدد جيد منهم ولم يحصل ذلك.
نعم هناك متابعة من طرف الخارجية الأردنية، لكن من الواضح أننا لا نمارس ضغطا كافيا. وقد يكون مناسبا أن تستفيد الدبلوماسية الرسمية من دبلوماسية شعبية أكثر خشونة والحاحا.
جميل النمري