يخطىء من يعتقد أن الشعوب ليس لها ذاكرة ، وان الايام تُنسي هذه الشعوب تاريخ ما مر عليها من مقولوين واصوات تعالت حتى صمت الاذان ، ويخطىء من يعتقد ان ماء المطر والثلج والبرد يغسل هذه الذاكرة ، ويعيدها فارغة لتستقبل من جديد حكايات سياسية جديدة ، الشعوب يا رجال السياسة تعشق الانتظار واللعب بالزمن ، وتؤمن هذه الشعوب ان كل من طار وارتفع لابد وانه ذات يوم سيقع ، وهذا الوقوع قد يكون مدويا كصوت البرق والرعد ، وقد يكون بهدوء سقوط ريشة الطائر في يوم هوائه كالنسيم ، وهذا الشعوب لن تتذكر سوى سقوط الريشة لأن بلحظة سقوطها كانت السماء صافية والهواء عليل وملمس الريشة ناعم لاينسى ، أما صوت الرعد والبرق فهو يصم الاذان للحظات ويترك خلفة رعشة في الاجساد ينهيها كوب من الشاي الدافىء في لليلة شتائية يجتمع بها الاهل حول صوبة الكاز يغمسون بقايا خبز النهارالمحمص بالزيت والزعتر والحكايات الشتائية التي تستهلك لتمضية الوقت ، وهناك ممن يسقطون كالرعد يعاودون العلوا في سماء حياتنا السياسية مستندين على قاعدة ان كل فعل له ردة فعل مساوية لها بالمقدار ومعاكسه بالاتجاه ، ويحلقون هؤلاء مرة اخرى ويرتفعون وفي نفس الوقت ينسون أو يتناسون هؤلاء الرجال عند سقوطهم الاول قد دمروا البقعة التي سقطوا بها واثناء صعودهم الثاني استخدموا قاعد فيزيائية اخرى وتسمى الازاحة اي ان صعودهم في الهواء السياسي للوطن ازاحوا منه ما يساوي حجم اجسادهم ، وتستمر الحركة البهلوانية لهؤلاء ألى ان تاتي سقطتهم على صرارة صغيرة فتؤدي بهم للارتفاع وبشكل مائل ليسقطوا في اقرب تجمع للمياه الراكدة النتنه ويصعب على الاخرين مجرد الاقتراب منها للمشاهدة أو للأطمئنان وقد تنتهي كتلهم وتذوب من الاحتكاك الناتج عن السقوط أو الصعود كفص الملح الذي ذاب في الماء واختفى ، وتصبح كتلهم مجرد اعداد مرات صعود وهبوط يتذكرها فقط من تعلقت عيونهم ونفوسهم بهم واتعبوا رقابهم من كثرة النظر والعد ، والذين يسقطون كسقوط الريشة في حياتنا السياسية تعاود نسائم نيسان لترفعهم من جديد وبكل هدوء وبدون فعل مساوي لردة الفعل أو اتجاه معاكس له ، وانما يصعدون بشكل سلس وناعم وجميل لدرجة أن كل العيون تراقبهم وهي تبتسم وتقول سبحان الله ما اجمل هذا المنظر ، وهؤلاء الصاعدون يطول الزمن الازم لسقوطهم لأنهم يستخدمون قوى طبيعية بعيدة عن العنف سواء في الصعود أو الهبوط ، ولا تنتهي كتلهم أو تذوب لأن نسبة احتكاكهم بقوى الطبية الاخرى بسيطة وناعمة ويستمرون في الوجود ولا ينتهون كفص ملح وذاب ؟؟