حقآ انه لأمر محزن ومخجل للغاية أن نرى دولة عربية عزيزة تقسم هكذا كقطعة حلوى ولايتحرك فينا ساكنآ , السودان دولة كبيرة جغرافيآ وتاريخيآ مليئة بأصناف هائلة من الطاقات البشرية والصناعية والزراعية ومؤخرآ النفطية ومليئة بالفكر والثقافة والأدب والشعر وغيرذلك كثير , حضارة كاملة تقسم الى شطرين شمالي وجنوبي ومن يعلم عل هذين الشطرين يصبحان أربعة أشطر شرقي وغربي , كم أشعر بحزن وأنا أكتب هذه الكلمات أشعر وكأن قلبي ينقسم الى قلبين صغيرين كل منهما يريد الآخر ليرسما قلبآ موحدآ كما كان , وهكذا هو سوداننا الغالي ينقسم على نفسه بشطرين صغيرين وشعبين وجيشين وحدودين بعدما كانوا سودانآ واحدآ بقلب واحد وروح واحدة وجسد واحد , لكن هل هذه الإرادة السودانية أم انها ارادة دولية لينقسم السودان الى سودانين شمالي وجنوبي نفطي.
بالأمس القريب ما كنا نعرف عن العراقي الا أنه عراقي شقيق فقط لكنـنا اليوم عندما نرى العراقي يتبادر الى ذهنـنـا هل هو عراقي سني أم شيعي أم كردي أم آشوري....الخ , وكذا الفلسطيني كنا ننظر للفلسطيني على أنه رجل مقاوم لكن اليوم أصبحنا ننظر للفلسطيني ونتسآل هل هو فتحاوي ام حمساوي أم من عناصر أخرى وكذا الحال في لبنان العزيز نسأل أنفسنا هل هو من جماعة حزب الله أم الموالاة أم من غيرهم , بدأنا نفتقد الشعور الوحدوي في الأرض الواحدة في الشعب الواحد فقسم الى أطياف وأطياف.
واليوم سودانـنا الحبـيـب نـراه يـنـقسم ويصبح شطرين فكي تذهب من شماله الى جنوبه سيتطلب منك جواز سفر وجمارك ودفترتربتك للسيارات ويمكن تأشيرة , بالوقت الذي نأمل به أن تصبح الحدود العربية بين بعضها البعض مجرد خطوط على الخرائط ويصبح مخطط سايكس بيكو شىء من الماضي الأغبر القديم لكنـني أراه بأحدث اصداراته لعامي 2010 و 2011 , فأصبح برنامج سايكس بيكو التقسيمي متجدد الإصدارات وملائم للتغيرات والتطورات أشبه ببرنامج مايكروسوفت المتجدد سنويآ دائمآ , ونحن كعرب نـقـف مـتـفرجـيـن بانـتـظار قراراتهم وهانحن نرى في الوسائل الإعلامية التمهيد الخبري فبدأت مسميات وتعاريف جديدة تظهر على الساحة الإعلامية كالجيش السوداني الشمالي والجيش السوداني الجنوبي وتحرشات حدودية واستفتاء الإنفصال والقادة الجنوبـيـيـن ستبقى هذه التعابير تتكرر كل يوم على مسامعنا حتى نتقبلها وتصبح مادة خبرية عادية نسمعها كل يوم مع قهوة الصباح ويصبح خبر السودان الشمالي والسودان الجنوبي خبرآ كأخبار العراق وتقسيماتها وأخبار فلسطين وفتحاوياتها وحمساوياتها , الدول الأوربية لايجمعم لغة ولا تاريخ ولاعادات ولا اخوة فاجتمعوا بينهم بعملة واحدة وبتأشيرة واحدة لغير الأوربـيـيـن أما المواطنين الأوربيون فيكفيهم هويتهم للتنقل دون تأشيرات وجمارك ودفاتر مرور للسيارات , ونحن تجمعنا روابط الدين واللغة والتاريخ والعادات والأخوة ونحتاج الى طن من الأوراق كي نـنـتـقل من دولة الى أخرى بل وزاد في ذلك زيادة عدد دولنا العربية والإسلامية ليس بدول جديدة تضاف الينا بل بتقسيمات جديدة تصبح بها الدولة دولتين كما يحدث هذه الآيام مع السودان الحـبـيـب..ان السودان الشمالي والجنوبي ماهما الا كالعينـيـن في الرأس الواحدة لايكتمل جمال الصورة الا بهما معآ.
فمابالها أمتي هكذا ...مابالها عروبتنا تقسم بيننا...مابالها حضاراتنا تصبح رماد...مابالهم يتداعون علينا كما يتداعى الأكلة على قصعتها , حفظكي الله يا أمتي.
فـادي ابـراهـيـم الـذهـبـي
اعلامي – جدة