كلما كنت أجلس إلى مشايخ الحركة الإسلامية كانت تراودني فكرة تدوين تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في الأردن والذي بدأ منذ عام 1946 أي مع تأسيس المملكة، وكان مشايخنا رحم الله من مضى منهم وحفظ الله من بقي يذكرون لنا شخصيات وطنية أردنية بارزة انضمت إلى الجماعة منذ تأسيسها ثم ترك معظمهم الجماعة بعد ذلك وكان لهم في الدولة الأردنية دور بارز.
من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر رئيس الوزراء الأسبق الشهيد "هزاع المجالي" رحمه الله، ودولة الأستاذ أحمد عبيدات مدير المخابرات ورئيس الوزراء الأسبق، ودولة السيد عبد الرؤوف الروابدة رئيس الوزراء الأسبق، والمرحوم الوزير أحمد الطراونة الوصي على العرش ورئيس مجلس النواب ووالد رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فايز الطراونة، والفريق مصطفى القيسي مدير المخابرات الأسبق.
يقول العين الأستاذ عبد المجيد ذنيبات المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في مقالة كتبها بعنوان "لا خوف من الإخوان المسلمين" في صحيفة الغد بتاريخ 10/6/2008 ما نصه: (وحقيقة الامر أن الجماعة رخصت في عام 1946 في عهد المغفور له جلالة الملك عبدالله بعد الزيارة التي قام بها موفدا الإمام البنا يرحمه الله، وهما سعيد رمضان وعبد الحكيم عابدين، حيث قابلا جلالته وعرضا عليه فكرة إنشاء جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، تنطلق من الإسلام وتدعو له، وتتقيد بتعاليمه، فاستجاب جلالته لهذا الطلب وأعجب بمبادئ الجماعة، ورحب بالوفد وانتدب سكرتير مجلس الوزراء في ذلك الوقت المرحوم "هزاع المجالي" لحضور حفل الافتتاح، وكان المرحوم عبد اللطيف أبو قورة أول مراقب عام للجماعة، حيث بدأت الجماعة بالانتشار ولاقت ترحيبا كبيرا وقبولا في أوساط الشعب الاردني، وانتسب لها كثير من الرموز الوطنية التي ساهمت في بناء الاردن وتنميته كـ؛ "هزاع المجالي"، أحمد الطراونة، أحمد عبيدات، مصطفى القيسي، وممدوح الصرايرة وغيرهم) انتهى الاقتباس.
كذلك يمكن الرجوع إلى مقابلة الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة في صحيفة الغد بتاريخ 18/5/2010 التي يذكر فيها أنه استقال من جماعة الإخوان المسلمين عام 1970 وأنه لا يزال يحتفظ بنص استقالته.
لم يقتصر الأمر على هذه الشخصيات البارزة، إذ يؤكد قدماء الإخوان أن سماحة الشيخ الدكتور أحمد هليل قاضي القضاة وإمام الحضرة الهاشمية وفضيلة الدكتور عبدالسلام العبادي وزير الأوقاف كانا من نشطاء الإخوان المسلمين وخطبائهم.
وعلى صعيد الشخصيات التي عاصرناها في جماعة الإخوان المسلمين ثم تركت الجماعة لخوض الانتخابات النيابية أو تسلم مناصب وزارية وحكومية دون موافقة الحركة فالعدد كبير، ونذكر منهم: معالي الشيخ عبد الرحيم العكور نائب المراقب العام الأسبق للجماعة، ومعالي الدكتور بسام العموش، ومعالي الدكتور عبدالله العكايلة، والدكتور أحمد الحاج، والدكتور أحمد القضاة، والشيخ عبدالمنعم أبوزنط، والأستاذ سميح المعايطة المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، وغيرهم كثير.
خلاصة القول أننا في الأردن بحاجة ماسة إلى من يؤرخ للحركة الإسلامية التي كان لها دور بارز في تاريخ الوطن منذ نشأة المملكة إلى يومنا هذا، ولا أدل على ذلك من أن نسبة عالية من قراء هذا المقال سيتفاجؤون بحقيقة أن الشهيد "هزاع المجالي" رحمه الله كان من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في فترة من فترات حياته، كذلك يتعرفون لأول مرة على انضمام باقي الشخصيات المذكورة للحركة.
ولما لمقال الأستاذ عبدالمجيد ذنيبات المشار إليه أعلاه من أهمية تاريخية بالغة في هذا السياق أنقل إيكم فقرة من أهم فقراته يقول فيها: (ويروي إخواني في الكرك أن جلالة الحسين زار المدينة عام 1954 وأحب ان يلتقي بعض الشباب فيها فأشار عليه متصرفها وهو المرحوم عبدالرحيم الخطيب، والذي تعرّف على الجماعة وانتظم فيها، أن يلتقي بمجموعة من شباب الإخوان المسلمين في شعبة الكرك، وفعلا تم هذا اللقاء فأعجب جلالته بهمة هؤلاء الشباب وانتمائهم، وذكر لهم" أنه يعتبر نفسه واحدا منهم"، وقد عاصرت عهده رحمه الله عندما انتخبت مراقبا عاما للجماعة، حيث أشار علي ولي عهده الحسن حفظه الله بدعوتي وتكريمي حيث كان جلالته في أميركا للاستشفاء والعلاج، وفعلا قابلت الأمير في قصر رغدان وبارك لي على لسان جلالته آنذاك، وأكدت له حرص الجماعة على مبادئها واستمرارها بالنهج الذي قامت عليه، وأصر علي أن أرافقه لزيارة أخينا المرحوم المراقب العام السابق محمد خليفة، فأقلني بسيارته الخاصة التي كان يقودها وعبر بي شوارع عمّان حتى وصلنا لبيت المراقب العام السابق حيث سلم عليه وشكره لما قدمه للاردن، ولا زلت أذكر زيارتي لجلالته في أميركا عندما أصر أن يقابلني، وهو مريض، في دار السفارة- دار الأردن، وكان لقاءً حارا دعوت له بالشفاء، وأكد لي احترامه وتقديره للجماعة ودورها في الاردن.
أما جلالة الملك عبدالله الثاني فقد سارعت الجماعة إلى مبايعته ملكا فور انتخابه بوفد كبير ضم أكثر من أربعين أخا هم مسؤولو الجماعة في كافة الشعب، وأكدت لجلالته مبايعة الإخوان له ملكا للأردن، كما أكدت له حرص الجماعة وولاءها لهذا الوطن وقيادته واستمرار نهجها الاصلاحي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله، وسمعنا من جلالته في حينه الود والاحترام للجماعة وتقديره لدورها في الأردن)انتهى الاقتباس.
وفي الختام إجابة على السؤال الذي طرحناه: نعم .. كان الشهيد "هزاع المجالي" رحمه الله عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، بل كان الملك الحسين رحمه الله تعالى يعتبر نفسه واحدا من الإخوان المسلمين.
المهندس هشام عبد الفتاح الخريسات