د.بسام البطوش
بالتأكيد ليس من أردني واحد يقر شغب الملاعب ،أو تستهويه حالة الدلع الوطني العام التي تجتاح المجتمع الأردني في الآونة الأخيرة ،وتظهر تجلياتها في التعامل مع رجال الأمن العام والدرك وهم يؤدون واجباتهم المصيرية بالنسبة لأمننا وأماننا ،والهامة أيضا فيما أعتقد لإفساح المجال أما هواة الدلع ليمارسوا دلعهم بدلال اكبر وأمان أكثر !فلا إمكانية لدلع الأفراد والجماعات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ،وكتبة التقارير للجهات الدولية وللصحافة والتلفزة العالمية،و لا مجال أما دلع الراسبين والناجحين أيضا في الانتخابات إن لم تسهر أجهزة الأمن الوطني كلها لحماية هؤلاء وتعمل على توفير أفضل الشروط وبحسب أفضل المعايير الدولية ليمارس هؤلاء دلعهم المشروع،ولنرى موجات دلعهم تمتد نقدا ونخرا وشتما وتشكيكا وعنفا وتهديدا !..هزلت .. حقا هزلت .. وصدق المثل الأردني \"كل أقرع فيها بفرع\"!
حرام هذا الذي يجري ..عندما شاهدت تقرير \"الجزيرة\" من عمان حول حادثة انهيار سياج ملعب القويسمة،لولا أنني كنت في قلب عمان لظننت أن سياج الوطن لا قدر الله هو الذي انهار! ولولا أنني كنت مع أخوة وأصدقاء وجيران من ضفتي الأردن نسمر ونسهر و\"نتناغش\" في الشؤون الوطنية على الطريقة الأردنية المحببة لصدقت أن انهيار السياج كان سببه حالة الانقسام الوطني الحاد التي يعيشها الأردن على حد تقرير الجزيرة الذي صنف الحدث مؤشرا على حالة الانقسام الوطني الحاد بين الأردنيين من أصول شرقية وغربية، ودليلا على الفشل السياسي للدولة الأردنية !ولولا أنني ابن أردني لم يطلب منه رجل أمن هويته الشخصية منذ عقود لصدقت تقرير الجزيرة الذي انخرط في حالة من تأليب الدنيا قاطبة على قوات الدرك ،وقد كاد الأمر يصل إلى حد توجيه نداء لمحاكمة دولية لقوات الدرك الأردنية!
لم يكن مقبولا التطوع للتشهير بالوطن والدولة الأردنية والأجهزة الأمنية عبر الفضاء جراء حادثة عابرة و تجري مثيلاتها يوميا عبر العالم ،ولم يكن مقبولا التطوع لتقسيم العرب إلى عربين إرضاء لحسابات خاصة، ولم يكن جائزا التطوع للنفخ في كير الفتنة التي لعن الله موقظها!
والمدهش أن تحولت قصة السياج المنهار جراء التدافع عبر تغطية الجزيرة وحواراتها إلى قصة المحاصصة والحقوق المنقوصة و\"المظلومية\" و الطخ على الأردن الدولة والشعب والخيارات السياسية الرافضة للوطن البديل ،وتحولت القصة إلى فرصة يستغلها مرضى ونكرات ومحبطون للنبش في الملف الأسود الذي يحوي كل النوايا السوداء تجاه الدولة الأردنية .
باختصار ،كنت أتمنى أن يدلني طاقم الجزيرة وتجار السياسة في عمان على مفهوم الفشل السياسي في القصة كلها !وما هو السبيل لتحقيق نجاح سياسي في قصة العلاقة بين المكونات الاجتماعية الأردنية ،وهل المطلوب إجراءات سياسية تنسي الناس أصولهم و منابتهم نهائيا وبقرار سياسي ،لكن ما هو مضمون هذا القرار وفحواه ونتائجه ، ولمصلحة من؟وهل سيعد هذا القرار ذاته شكلا من أشكال الفشل السياسي أيضا،وما علاقة ذلك بلعبة قدم وشغب ملاعب ورجال أمن يصلون الليل والنهار سهرا على راحة الأردنيين كل الأردنيين !؟... الله على الظالم !والله مع الأردن .. وكان الله في عونك سيدي صاحب الجلالة.