زاد الاردن الاخباري -
هناك كثير من الرجال يكابرون ويعتبرون اعتذارهم للمرأة اهانة لهم حتى وان كانوا مخطئين ، لاعتقادهم بانه قد يقلل من رجولتهم وهيبتهم وان كانوا في قرارة انفسهم يعلمون انهم مخطئون. فهل يتبدل الحال مع تغيّر الزمان؟ ام ما يزال الرجل يعتقد بان الاعتذار يعد تنازلا منه وتقليلا من شخصيته.
ترى جميلة موظفة 25 عاما ان طبيعة الرجل الشرقي لا يقدم على الاعتذار من المرأة لانه يخاف أن تهتز صورته امامها او ينقص من شعوره الداخلي بالرجولة .
و برأيها تعتقد انه لا عيب في ذلك بل على العكس سيزيد من المودة بينهما وتوثيق العلاقة التي تربطهما وجعل المرأة تشعر باهتمام الرجل فيها معبرة ان هذا سوف يؤدي الى التفاهم والمصارحة بينهما ، وأوضحت جميلة ان المرأة بطبيعتها حساسة ورقيقة تفكر باعتذار الرجل من ناحية العاطفة وليس من ناحية انكسار الرجل لها وتجد ان على الرجل الاعتذار ان كان من امرأة او رجل اذا اساء لاي منهما وهذا يعتبر من الشجاعة وليس تخلفا كما يرى اغلب الرجال .
الاعتذار قوة شخصية
وبينت رفيدة 29 عاما ان الاعتذار من المرأة يعتبر قوة شخصية من الرجل ولكن ان أخطأ بحقها وليس كلما تدللت عليه تقدم لها الاعتذار ، وتقول رفيدة : لا أعتبر الاعتذار ضعفا بل احتراما للمرأة ، منكرة قول الرجال ان قلة اعتذارهم من المرأة يجعلها متكبرة عليهم وتصبح ان اخطأت او لم تخطىء تطالبه بالاعتذار وطلب السماح مبررة بأنه ان فتاة او اثنتين إن فعلتا ذلك فلا يعني ان جميع النساء هكذا ، مؤكدة ان هذا التفكير يكون عائدا الى تربية الشخص واختياره للاشخاص الذين يتعامل معهم او يعتذر منهم.
شيء ثمين
اما يوسف 33 عاما ذكر انه اعتذر لعدد من صديقاته في العمل اللواتي اخطأ بحقهن مؤكدا ان جميع الفتيات اتخذن هذا الاعتذار بمثابة شيء ثمين صادر عن شاب شرقي متسائلا لماذا تعتبر العديد من النساء ان اعتذار الرجل شرقي وكأنها تهمة ضده.
ويذكر يوسف انه ذات مرة رأته زوجته مع رجل لا ترتاح في التعامل معه ، الامر الذي جعله يضطر الى اختلاق الاكاذيب لتبرير جلوسه معه. مضيفا انها اكتشفت هذه الاكاذيب التي اعتبرها من جهته اكاذيبا بيضاء. وعلى الرغم من ذلك قام بتقديم الاعتذار لها معتبرا ان اعتذاره من المرأة مصدر قوة للرجل والمرأة وليس ضعفا لأحد منهما.
موضحا انه لا يوجد شخص ان كان رجلا او امرأة لا يخطئ ، ولكن الفرق في مدى الخطأ وتأثيره على الشخص وكيفية الاعتذار وليس تقديم اعتذار لرد العتب فقط ، قائلا على الرغم من تأييدي بأن يعتذر الرجل للمرأة ولكن ان كانت مغرورة وتستحق ان يخطئ الشخص بحقها فانني لا اقدم اي اعتذار لها.
وتشير سمية 36 عاما انه لم يحصل في يوم من الايام ان أقدم زوجها على الاعتذار لها بشكل مباشر على الرغم من اخطائه الكثيرة التي يرتكبها بحقها مبررا ذلك بانها اخطاء عابرة وغير خطيرة. مستغربة ما حدث معها في احدى المرات حيث أرسل لها زوجها باقة ورد في العمل مرفقا معها بطاقة تتضمن اعتذارا حيث انها لم تكن تعلم ما هو سبب الاعتذار. وعن سؤاله بعد عودته عن هذا التصرف اجابها بأنه مخطئ لكونه فعل مثل هذا الامر معها ولغاية الان لا تعرف ما السبب ، قائلة ان زوجها لا يحب الاعتذار ، حتى في ذلك الموقف الذي لام نفسه انه فعل مثل هذا الامر معها وانه لن يكرر ذلك معتبرا ان اعتذاره منها او من ابنائه سوف يهز صورته امامهم.
لن اعتذر مهما كانت الاسباب
ومن جهة اخرى يعتقد سائد انه لا يمكن ان يعتذر لامرأة امام الاخرين مهما كان خطأه حتى وان كان كبيرا في حقها بينما يمكن ان يعتذر عن خطئه بعيدا عنهم. كما انه يرفض ان يعتذر امامها مباشرة. فانه قد يعتذر بطريقته الخاصة كأن يرسل رسالة عبر الموبايل او برسالة مكتوبة في حال كانت صديقة او زميلة عمل اما ان كانت زوجته فانه يعتذر بطريقة اخرى كإحضار الورود لها او شراء ما تحبه ولكن ، بعيدا عن اعين الاخرين ايضا.
ويؤيده عمر شادي 22 عاما أنه في بعض الأحيان يرى أن المرأة ان اقدم الرجل على الاعتذار منها وان كان مخطئا في حقها فانها تصبح متكبرة عليه ، مبينا انه لا يشمل كل النساء ولكن الاغلب منهن ، ويرى ان السبب في ذلك حسب رأيه انها تخاف ان اعتذر الرجل سوف يحملها مسؤولية كبيرة بأن يجعلها تقدم احتراما اكبر له. مؤكدا ان طبيعة المرأة ان رأت الرجل يقدم لها شيئا حتى وان كان بسيطا ، تقدم هي اكثر منه حتى تشعره بأنها افضل.
رأي علم الاجتماع
تجد الدكتورة فاطمة الرقاد استاذة علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية ان تعامل الرجل مع المرأة ان كانت في الحياة الزوجية او العلاقات الاجتماعية ان تم تقديم الاعتذار منه لها او على الاقل الاعتراف في خطئه دليل على قوة شخصيته. وتنصح بان يتصرف الرجل مع المرأة كما يحب ان تتصرف هي معه. ذلك يجعل العلاقة تنجح بكل الاشكال ، وترى "حتى يصبح الرجل قادرا على الاعتذار ، فعليه النضج في الشخصية و مراجعة الذات وحبها بنفس الوقت. وتقصد الدكتورة فاطمة في ذلك ان حب الذات يكون جزءا من حب الاخر. اي بذل الحب في سبيل النفس والاخر معا. معبرة انه لولا وجود عنصر الحب والاحترام لأمكن بسهولة ان تنقلب المسؤولية الى رغبة بالتفوق والسيطرة مشيرة بذلك الى الاحترام و ليس خوفا ، وانما رؤية الانسان كما هو وإدراك شخصيته وتقديم الاعتذار له .
منوهة الى ان المرأة في الوقت الحالي اصبحت عنصرا فعالا كالرجل. وكما يجب ، بنظر الرجل ، ان تبادر المرأة بتقديم الاعتذار له فالرجل ملزم ايضا بذلك. حيث ينظر الرجل الى المرأة في مطالبتها بالمساواة في امور وامور اخرى بحيث لا ينظر لها كأن تصطف بالدور في المعاملات يصبح هناك مساواة ولكن عندما يخطئ الرجل بحقها ان يقدم الاعتذار لها يصبح ليس هناك مساواة.
الدستور - اسراء خليفات