زاد الاردن الاخباري -
أعادت قضية نواب حركة حماس المقدسيين في المجلس التشريعي الفلسطيني مجدداً أشباح الترانسفير الثالث، التي تثير قلقاً واسعاً لدى الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية.
ففي حال استمراره، يهدد التهجير بتحولات دراماتيكية في مسار القضية الفلسطينية، تلقي بظلالها على مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية، والأوضاع في الأردن، الأكثر حساسية وتأثراً بإفرازات الصراع، لا سيما وأن التصعيد في هذا الملف يأتي مع وصول عملية السلام إلى طريق مسدود، إثر فشل الإدارة الأمريكية في إجبار الجانب الإسرائيلي على وقف الاستيطان.
اعتبر الأردن الذي يتولى رعاية المقدسات في المدينة المقدسة والسلطة الوطنية الفلسطينية، التي يلوح رئيسها محمود عباس بين الحين والآخر بحلها، القرار الذي أصدرته محكمة الصلح الإسرائيلية مؤخرا بإبعاد النائب الشيخ محمد أبو طير الى الضفة الغربية وتنفيذ القرار، امتدادا لمحاولات فرض الأمر الواقع الإسرائيلي في قضايا الحل النهائي التي لم تبحث بعد.
مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتدخل وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلاري كلينتون السريع والفوري لدى الحكومة الإسرائيلية لإلغاء قرار إبعاد النائب أبو طير من مدينة القدس جاءت تعبيراً عن القلق، لا سيما وأن الرسالة التي حملها كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إلى واشنطن بهذا الخصوص تضمنت تحذيرا من انعكاسات القرار الإسرائيلي على الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام.
وترافقت رسالة الرئيس عباس إلى كلنتون مع تدخل حكومي أردني وبتكليف من الملك عبدالله الثاني لدى الجانب الإسرائيلي لمنع الإبعاد.
إلا أن الحكومة الإسرائيلية ردت بأن التراجع عن القرار مرتبط بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير لدى حركة حماس في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي لقي التحرك الأردني ترحيباً من جانب حركة حماس قوبل نظيره الفلسطيني باتهامات التقصير .
وصرح أبو طير بعيد أبعاده بأن"السلطة لم تقم بواجبها بالشكل المطلوب، وكان عليها طرح قضيتنا ورفع صوتها عالياً " عندما بدأت واستأنفت المفاوضات.
لم يتوقف التحرك الأردني عند محاولة ثني الجانب الإسرائيلي عن قرار الإبعاد قبل حدوثه، خصوصا وأن لدى الجانب الإسرائيلي لائحة تضم 318 شخصية وطنية مقدسية مستهدفة بالترحيل عن المدينة.
وبدأت حكومة سمير الرفاعي بإجراءات احترازية لمنع أبعاد فلسطينيين إلى الأراضي الأردنية. وجددت على لسان مصدر حكومي مسؤول تأكيد موقفها الرافض لاستقبال أي شخص مبعد تحت أي ظرف من الظروف.
واللافت للنظر أن الحكومة الأردنية تربط بين قرار المحكمة الإسرائيلية بإبعاد أبو طير وقرار جيش الاحتلال الإسرائيلي رقم 1650 ، الذي صودق عليه في 13 أكتوبر 2009 ودخل حيز التنفيذ في 13 أبريل/ نيسان 2010 القاضي بإبعاد آلاف المواطنين الفلسطينيين الذين لا يحملون إذن إقامة في أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، أو ممن يحملون هوية صادرة من قطاع غزة، وتقديمهم للمحاكمة بتهمة التسلل إليها.
ويعرّف القرار العنصري المتسلِّل بأنه كل من دخل الضفة الغربية بشكل غير قانوني أو الموجود في المنطقة ولا يوجد لديه الوثائق القانونية.
كما يتيح القرار لسلطات الاحتلال محاكمة عشرات آلاف الفلسطينيين بتهم تصل محكوميتها بين ثلاث وسبع سنوات سجنا بالإضافة إلى تحميل من يسمونه المتسلل بالتكلفة المالية للاعتقال والطرد ويمكن أن يطول 70 ألف فلسطيني في الضفة.
ووفق نصوص هذا القرار فإن إجراءات ترحيله ستكون سريعة جداً ولن تأخذ أكثر من ثلاثة أيام.
ويمتاز القرار الإسرائيلي بالضبابية والعمومية حسب جهات قانونية وإعلامية إسرائيلية، وهذه السمات قد تجعل القرار يشمل فلسطينيين مقيمين في مدينة القدس، أو فلسطينيين ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية ويقيمون في المناطق المحتلة في العام 1948.
على الصعيد القانوني اعتبر محامي "أبو طير" الإجراء الإسرائيلي بإبعاد موكله مخالفة صريحةً للاتفاقات والقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان الأميركي لحقوق وواجبات الإنسان، ووصفه بأنه جريمة حرب دولية استناداً إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي تناول جريمة الإبعاد وجريمة النقل القَسْري.
وطالب المحامي أبو حلبية بتوسيع دائرة التحرك لتشمل منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية بضرورة.
إلا أن الجهات التي طالبها بالتحرك لا تبدو مؤثرة في هذا المجال مع فشل الأمم المتحدة في القيام بخطوات عملية لمنع إبعاد النائب المقدسي.
اعتاد نواب القدس على الاعتصام في مقر البعثة الدولية للصليب الأحمر بالمدينة، واستقبال مندوبين عن مكتب الأمم المتحدة ومطالبتهم بإبلاغ السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون ضرورة تحمله لمسؤوليته كاملة تجاههم.
رمزية إبعاد أبو طير كشفت عن ضرب الجانب الإسرائيلي عملية السلام والمواقف الدولية عرض الحائط، وإصراره على المضي في سياسة التهويد من خلال إبعاد الفلسطينيين وتوسيع رقعة الاستيطان وعجز المجتمع الدولي عن القيام بخطوات عملية تعيد الاعتبار للقوانين الدولية.
كما تعزز الخطوة اعتقادا بتشنج اليمين الإسرائيلي تجاه حق العودة وملف القدس واللذين من المفترض أن يتم التفاوض حولهما إلى جانب حدود الدولة الفلسطينية في حال استئناف المفاوضات.
العربية