ممدوح أبودلهوم
[ شربت اليوم وقبل الكتابة إبريقاً من حليب الغنم استعداداً ليثياً!، بغية الإجابة على سؤال البريزة الصدئة ألا وهو لماذا نشتم أوباما تخصيصاً رومانسياً؟ ونشتم وبكرنفالية لعينة والدين أميركا تعميماً تاريخياً؟ أما لماذا الأخيرة العم سام فالإحساس بالإنكسار والذي يعم العالم الثالث بكله وكليله، ما أهم إفرازاته هو نظرية المؤامرة وفيلمها المحروق منذ الأبيض والأسود حتى يوم صمت القبور هذا(!) ما هو مشهود مكرر ومجترٌ حتى القيء القومي، إذ اعتدنا شتم ماما واشنطن في مظاهراتنا الغاضبة ومسيراتنا الصاخبة، فمن نشتم إن لم نشتم أميركا وإن لم نحرق علمها المزدان بنجوم ولاياتها الخمسين، فعلم من إذن نحرق وللمشهديتين البائستين أيضاً نهتف ونصفق؟!
ككاتب على باب الله ليس لي من مصلحة بإمتياز في الدفاع عن الرئيس الأميركي، لكن هذا اليومي المجاني الملتبس يقلق مضطجعي فحقاً لماذا نشتم ولا نشجب أو نعتب على الرئيس مبارك حسين أبو العمامة؟ وهو المسلم ميلاداً طفولة وصبىً 12 عاماً بين أميركا وأندونيسيا؟ والذي لم يخف ومنذ الأيام الأولى على التنصيب أشواقاً عقدية، تنبض بتسامحية تمزج ولا من تثريب بين اسلامه صبياً ومسيحيته رجلاً؟ لماذا وحتى إن لم يكن الصدى على هذا النحو العاطفي أو الديني أو الإنساني، فكان من الأجدر علينا كحكم موضوعي وبديل عقلاني في آن معاً، أن نهضم فكر هذا الرجل ولو من باب أنه القشة ونحن الغريق؟!
الأهم سياسياً على الصعيدين الفلسطيني فالعربي وهنا حط بنا جمّال هذه المسألة، أن أول حراكه السياسي كان خطاباً وزيارة موجهتين إلى الشرق الأوسط، ولم ينسَ طبعاً تركيا وإيران لتعالق هاتين الدولتين مع الجوار العربي وإسرائيل، إذ جاء إلى القاهرة وخطب في جامعتها قبل أن يطير إلى تركيا خاطباً فيها، ماداً يديه للسلام عبرالحوار وصولاً للتفاهم مع الأطراف كافة..
لماذا لم نلتقط تلك اللحظة الأندر والأثمن فلسطينياً وعربياً وقد عزت لعقود محسوبة؟ لماذا اكتفينا بالاعجاب والاستبشار قولاً لا فعلاً بالرئيس الجديد بدواعى افريقيته الإسلامية المسيحية وليس غير؟ أم هل لأنه الديموقراطي الذي جاء بعد بوش الجمهوري الإنجليكي الصهيوأميركي؟ سفاح الفلسطينيين والغزيين على أيدي نتنياهو وليفني ثم ليبرمان وباراك بعد أولمرت وشارون؟ مدمر العراق وأفغانستان وقاتل صدام وزارع بذور التشظي في السودان وباكستان؟!
لماذا لم ننتهز مسلسل إدارة أوباما ظهرهُ لنتنايهو، غير مرة في زيارتين للأخير مثالاُ وبعد تنصيب الأول تحديداً، قبل أن يتغير المشهد وتنقلب الموازين بدعم منظمة إيباك اللوبي الصهويني الأميركي، وضغط الجمهورين وبعض الديموقراطيين في الكونغرس الأميركي، بالتساوق مع العجز الفلسطيني بسبب التناحر بين فتح وحماس ما أهم تداعياته هو التراخي العربي؟!
أما ذروة التحول المعلن غرة الشهر الجاري في توجهات أوباما، فكان مع وصول أغلبية الجمهورين في انتخابات الكونغرس مع العد التنازلي لعاميه الأولين، أما أهم إفرازات هذا التحول – وهنا منعرج ما يجري بقضه وقضيقه، فهو إجبار أوباما على الإعتراف وإعلام السلطة بفشل إدارته في إقناع تل أبيب بوقف الإستيطان..
ليس، بإيجاز، فشل الرئيس أوباما آنفاً هو السبب الرئيس والوحيد، وراء التشاؤل الفلسطيني والتراخي العربي وأولاً تلويح عباس، بالتنحي وحل السلطة تمهيداً لخيار الكفاح المسلح، السبب الرئيس هو الإنقسام الفلسطيني وتحديداً حالة ما صنع الحداد بين فتح وحماس، إذ مضى ما يقرب من عامين على إستعداد أوباما تصريحاً وتلميحاً منذ خطاب القاهرة، وعلى بداية رسائله من واشنطن بإعادة رسم المربع الأول لحل الدولتين، برعاية العراب الأميركي عبر المفاوضات والتي بات تعريف كيمياءها اليوم برسم الهواء الطلق!]