لو كنت وزيراً للتربية والتعليم –ولا أتمنى أن أكون- لخرجت على مألوف الوزراء، وتمترسهم خلف مكاتبهم، وقيامهم بأعمال بروتوكولية شكلية لا تغني ولا تسمن من جوع، وقمت بأمور كثيرة، منها على سبيل المثال:
أولاً: تركت إدارة شؤون الوزارة للأمناء العامين -وهم ثلاثة يخزي العين- وتفرغت للجولات الميدانية للمدارس في كافة المناطق، بعيداً عن البرامج الموضوعة من قبل البعض، والتي تحدد زيارة الوزير للمدارس المتميزة المخصصة للأضواء والدعاية المزيفة.
ثانياً: القيام بثورة بيضاء في وزارة التربية والتعليم، تنقلب على الروتين السائد، والقوالب الجاهزة، والأنماط المستهلكة، في كافة المجالات، والقضاء على الترهل المزمن، والبطالة المقنعة، والعقليات البائدة.
ثالثاً: عقد مؤتمر تربوي لبحث كافة المشكلات التربوية، وسبل الإصلاح والتطوير، وأن لا يشترك فيه إلا كل مخلص غيور، وأن تنفذ توصياته فوراً دون تلكؤ أو إبطاء.
رابعاً: إلغاء نظام الفترتين نهائياً، مهما كلف ذلك، ولو على حساب المشاريع الشكلية، التي تكثر في الوزارة، لأنَّ نظام الفترتين لا يحقق العدالة والمساواة بين الطلبة والمعلمين، ولا يخدم العملية التربوية.
خامساً: العمل على عدم زيادة عدد الطلبة عن 30 طالباً في أي شعبة، حفاظاً على مستوى التعليم، وحق الطلبة في الحصول على خدمات تربوية كافية.
سادساً: إلغاء الصفوف المجمعة مهما كانت المبررات، والبحث عن حلول بديلة أكثر جدوى وأقل كلفة، لأنَّ الصفوف المجمعة ظلم بيِّن للمعلم والطالب، فالطالب يدرس نصف ما يدرس أقرانه في المدارس الأخرى، والمعلم يتعب ضعف ما يتعب زميله في المدارس الأخرى.
سابعاً: إعادة النظر في التدريب بكافة أنواعه ومسمياته، وتوحيد الجهة المسؤولة عنه، ودراسة جدوى البرامج التدريبية، ووضع برامج تدريبية واضحة منذ بداية العام الدراسي، وأن يراعي التدريب حاجات الفئات المستهدفة ورغباتها ومتطلباتها، والبعد عن تدريب الفزعات، والتدريب الطارئ، والتدريب النفعي.
ثامناً: تخفيض نصاب المعلمين، وأن يتناسب عكسياً مع خبرة المعلمين، فلا يعقل أن يعطي المعلم 25 حصة أسبوعياً، لصفوف لا يقل عدد طلبتها عن 40 طالباً، بالإضافة إلى المناوبة وتربية الصفوف والإشغالات والمهام الأخرى التي لا بد منها.
تاسعاً: تعيين موظف خاص في كل مدرسة لمنظومة التعلم الإلكتروني EduWave، يكون مسؤولاً عن إدخال العلامات والبيانات، تطبيقاً لمتطلبات الحكومة الإلكترونية، والتخفيف عن المعلمين، والاستغناء عن الجداول الورقية.
عاشراً: دراسة تعيين مساعدين للمعلمين من حملة الدبلوم للقيام بالأعباء الإدارية مثل المناوبة والإشغال والمراقبة وتصحيح الامتحانات ورصد العلامات.
حادي عشر: مراجعة أسس ومعايير وأساليب تعيين القيادات التربوية ابتداءً من رئيس القسم حتى مدير الإدارة، وأن تكون مبنية على الكفاءة والأحقية والعدالة، بعيداً عن الوساطات والمنافع والمصالح الشخصية الضيقة، والضغوطات بكافة أشكالها.
ثاني عشر: توفير إسكانات وظيفية للعائلات والعزابية في جميع المناطق النائية لتشجيع المعلمين للعمل فيها، وأن تعطى لمستحقيها فقط.
ثالث عشر: منح المعلمين بدل مواصلات أسوة بغيرهم ممن توفر لهم وسائل المواصلات، خاصة وأن المعلمين يتنلقون بين مناطق متباعدة جغرافياً.
رابع عشر: منح المعلمين علاوة تجيير حسب بعد المعلم عن مكان إقامته، وليس تبعاً لمحافظته، فقد تجد معلماً يعمل في اللواء نفسه لا يأخذ علاوة، ومعلم آخر من لواء آخر يأخذ علاوة مع أن المسافة أقرب.
خامس عشر: دراسة احتياجات المدارس الفنية والإدارية والبنية التحتية، وتوفيرها بأسرع وقت ممكن، تحقيقاً لمبدأ العدالة والمساواة.
سادس عشر: إعادة النظر في المناهج وتعديلها وتطويرها بما يتناسب وروح العصر، وثورة المعلومات والاتصالات، وتخليصها من الحمل الزائد، وخاصة للصفوف الثلاثة الأولى، والصف الثاني عشر.
سابع عشر: اعتماد أسلوب الإدارة الميدانية من قبل مديري التربية، وحل المشكلات فوراً على أرض الواقع.
ثامن عشر: إيلاء الطلبة المتفوقين إبداعياً العناية والرعاية، ونشر إبداعاتهم، وتنمية موهبتهم، ومنحهم أفضلية في الجامعات أسوة بالمتفوقين رياضياً.
تاسع عشر: فتح أبواب المدارس للصحافة والإعلام لإجراء التحقيقات والمقابلات وتغطية النشاطات والإشارة إلى المشكلات، لأن من شأن ذلك أن يقضي على نسبة كبيرة من المشكلات تلقائياً.
عشرون: التطبيق العملي الفعال أن الوزارة والمديريات يجب أن تكون في خدمة المدارس، وأن تكون على أهبة الاستعداد لتوفير حاجاتها، وتقديم المساعدة والدعم لها، وليس العكس كما هو الواقع المر الأليم.
إنَّ التحديات كبيرة، والمسؤوليات عظيمة، والخلل بيِّن، والطرق غير سالكة، ولكنَّ أصحاب الهمم العالية، لا تثنيهم الصعوبات، ولا توقف مسيرتهم العقبات، ولا تكسر عزيمتهم المثبطات. ولو كنتُ وزيراً للتربية والتعليم لن أزعم أني سأنفذ كل ما سبق، ولكني سأحاول قدر استطاعتي، ولن أقف متفرجاً بأي حال من الأحوال، وما لا يدرك جلّه، لا يترك كلّه، ويكفيني شرف المحاولة!