بقلم الدكتور ثابت المومني
ففي خبر مرفوض شعبيا، صرّح دولة رئيس الوزراء - في لقاءه له بمدير معهد الأرض التابع لجامعة كولومبيا جفري ساكس الذي زار الأردن في الأسابيع الأخيرة للمشاركة في حفل إطلاق معهد التنمية المستدامة التابع لمركز جامعة كولومبيا لأبحاث الشرق الأوسط\"- ( بأن الأردن بحاجة لخبراء دوليين لمعالجة الفقر (!!!!.
لقد أٌصبت \"بلوثة هستيرية\" تبعها\"تلبك\" معويّ لمجرد سماع هكذا تصريح ، لا سيّما وأنه قد صدر من رأس السلطة التنفيذية في بلد يمتلك ما يكفي من الخبرات والعقول التي استطاعت بناة نهضة وتنمية في العديد من دول العالم و المحيط العربي، ليأتينا دولة الرئيس \"بحقيقة جديدة\" تفيد بأننا بتنا في حالة عجز عن حل مشاكلنا التنموية المعتمدة على التخطيط والإدارة.
دولة الرئيس... إن سبب فقرنا يعود الى تخلّفنا في التخطيط والإدارة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتنموية ، وما شعورنا بالنقص والعجز والإحباط إلا نتاجُ للظلم وعدم تطبيق العدالة في التوظيف والتعيين - في مراكز الإدارة والفكر والبحث والإبداع - حيث استثناء أصحاب الخبرة والعلم والمعرفة، وبالتالي غياب تطبيق عدالة \"الرجل المناسب في المكان المناسب\" لتتم التعيينات في شتى المناصب والمواقع العلمية والاقتصادية والسياسة اعتمادا على الوساطة والشللية والمحسوبية وصلة القربى.
إن تفشي سرطان الوساطة و\"غريزة توريث السلطة والمنصب\" في مجتمع\" النخبة المخملية\" وحتى في مراكز العلم والبحث والتطوير إضافة لبعض التعيينات في الجامعات ومراكز التخطيط والإدارة قد الحق بالوطن والمواطن أذى كبيرا ، حيث أصبح تعيين مهندس تنفيذي لإنشاء مشروع من المشاريع كبرى أو تعيين مدير دائرة حساسة أو تعيين وزير أو فني أو خبير، يعتمد على وزنه في الواسطة والوساطة إضافة لوزنه العشائري ونفوذ جماعته \"وأزلامه\" في سلك الحكومة والسلطة ومدى علاقاته وأعمال البزينس فيما بينهم من منطلق \" حكلّي بحكلّك\".
دولة الرئيس... إن اتهامي ليس لشخصكم بقدر ما هو اتهام لمجتمع الحكومات الأردنية المتعاقبة ومنها حكومتكم ،وبالتالي فان سرطان الوساطة قد جعلنا متخلفين بشتى المجالات لان رجل القيادة في هذه الدائرة أو المؤسسة وتلك، أصبح لا يفقه من العلم شيئا سوى انه تم \"توزيره أو تأميره\" لأنه ابن فلان ومدعوم من فلان صاحب الشأن والجاه.
لقد استشرت الوساطات حتى أصبحت المواقع الحسّاسة التي يعتمد عليها امن وأمان وتنمية وتطور ومستقبل هذا البلد يتم التعيين فيها ولها اعتمادا على تلك الوساطة والمحسوبية اللعينة.
دولة الرئيس... إن الوساطة \"الحقة\" في الشرع ليست حراما ،فإذا كانت لتحقيق عدالة لشخص مظلوم يستحق هذا المركز أو ذاك ((فهي مشروعة و يؤجر صاحبها وصانعها))، بينما تلك ((الوساطة القائمة على سلب حقوق وامتيازات الغير فهي حرام شرعا وملعون صاحبها وعرّابها ومساندها والصامت عنها)) لأن نتيجتها وبالا وتخلّف وخزي على المجتمع والوطن كما نحن فيه اليوم.
إن تخلّفنا الاقتصادي نابع أساسا من غياب وتغييب النخبة الحقيقية من أصحاب الفكر والإبداع في هذا الوطن وهم كثر، فكم رأينا ونرى رجالات من أصحاب الفكر والمعرفة والإدارة والدهاء في التخطيط ، مهمشون على كراسي من خشب في بيوتهم أو مؤسساتهم ودوائرهم، بينما يتسيّد بعض مراكز القيادة والفكر والتخطيط والإدارة ، أصحاب الفكر \"الفارع\" لذي قادنا الى نشوء مجتمع\"شواذ شارع مكة\" ، فكيف لكم سيدي أن تجني من الشوك العنب؟!!!!.
دولة الرئيس... إن غياب العدالة في إشغال المراكز السياسية والاجتماعية والعلمية والبحثية والتنموية وخلوها من أصحاب الكفاءة والخبرة قد جعلكم تشعرون بالعجز والإحباط عندما أطلقتم تصريحكم هذا، وبالتالي فإنني اعتقد بأن هذه المعادلة يجب أن تتغير لأجل أن نعمل جميعا للنهوض في اقتصادنا وتنميتنا وقيمنا ومبادئنا فأهل مكة أدرى بشعابها وليس مستر \"جفري ساكس\" وغيره ، وأنا على يقين بأن الأردن ليس بحاجة لخبراء دوليين لمعالجة الفقر فيه بقدر ما هو بحاجة لعدالة ورفع الظلم، ودمتم.
Thabtena2008@yahoo.com