بقلم المهندس اكثم الصرايرة
ترددت قبل كتابة هذا المقال كثيرا و ذلك لكوني أحد أفراد هذه العائلة الكبيرة ،والتي أعتز وأفتخر بالانتماء أليها, وكون شهادتي تعتبر مجروحة فيها، لكنني قررت أن أكتب هذا المقال ليس من باب الدعاية ولا من باب المجاملة والنفاق ولكن من باب تعميم هذه التجربة الناجحة لهذه الشركة الفتية والتي شعرت بوجوب اطلاع الآخرين عليها بهدف الاستفادة منها، واثبات ان الإدارة الناجحة قادرة على تجاوز الصعاب مهما كانت وفي ضل نفس الظروف التي استغلتها بعض المؤسسات و الشركات و التي تذرع الكثير منها بهذه الظروف و اتخذوها حجة للتغطية على قرارات اتخذوها أو فشل أصابهم .
لن أتحدث عن أمنية الشركة ،ولن أتطرق لنجاحها الباهر في فرض نفسها كأحد اللاعبين الرئيسيين في عالم الاتصالات ،وتبوئها مكانة مرموقة ، واستحواذها على نسبة مئوية متزايدة من نسبة المشتركين في خدمات الاتصالات الخلوية وخدمات الانترنت وحلول الأعمال في الأردن، وكل هذا في سرعة قياسية و بجهود خارقة مشهودة ومذهلة توجتها قبل أيام باحتفالها بمناسبة كسر أعداد مشتركيها حاجز المليوني مشترك في خدمة الهواتف النقالة فقط ، مشتركين آمنوا ووثقوا بهذه الشركة فأصبحوا أفراد من عائلتها الكبيرة الممتدة .
لن أتحدث عن أمنية الشركة ومنجزاتها السوقية كما أسلفت، ولكني سأتحدث عن أمنية العائلة، أمنية البيت الكبير التي بنت قنوات الاتصال ومدت جسور ثقة بينها وبين موظفيها، فأضحت بيتهم الثاني الذي يقضون فيه نصف يومهم دون كلل أو تذمر او ملل ، بعد أن شعروا بأنهم محط اهتمام واحترام وثقة من قبل إدارة هذه الشركة التي ما فتئت ولا ادخرت أي جهد من أجل تحسين أوضاع موظفيها على جميع الأصعدة، المعنوية والنفسية قبل المادية، حيث رسخت شعارها في قلوب الموظفين وجعلته موضع تطبيق واحترام وليس مجرد كلمة، ومن تابع الاحتفالية الأخيرة للشركة قبل أيام يلاحظ هذا الانتماء في عيون موظفيها الذي بدت عليهم السعادة بهذا الإنجاز، حيث شعر كل فرد بأنه ساهم بهذا الانجاز وكان لدوره قيمة ومكان، وهذا لا يحدث في أغلب الشركات الخاصة، حيث تطغى العلاقة المادية على أغلب جوانب العمل ، و تلعب الدور الأساسي في تقيم أي فرد لشركته و مدى احترامه لها ، والتي اعتقد بأنها مهما كبرت فإنها لا تصنع الانتماء ولا حتى روح العمل الجماعي.
لم أكتب من قبل عن هذا الموضوع و لم أتطرق له، لأنني كنت أعتقد بأننا لا نتميز عن أحد، وأن أمثالنا كثر، وليس هناك أي سبب للكتابة التي ستدخلني في صفوف المنافقين والمادحين لأجل المديح ، ولكن الخيول الأصيلة تظهر حين الغارة والصديق يظهر وقت الضيق، وهذا ما أثبتته أمنية حينما تمسكت بموظفيها ولم تقتر عليهم ولم تسلبهم أي من حقوقهم، بل ورفعت وحسنت منها، في وقت كانت فيه الكثير من الشركات الأخرى تنهي خدمات الكثير من أبنائها وتسلبهم حقوقهم ومكتسباتهم التي استحقوها بجهدهم متذرعين بحجة الأزمة المالية العالمية وضرورة تقليص النفقات ، مع أن الأرباح المعلنة لأغلبها تدل زيادتها ، فالأمن والاستقرار الوظيفي هو ما تميزت به أمنية قبل كل شيء، ولا أعتقد بأن أي من أفرادها ينكر ذلك، وهذه سابقة تحسب لها .
.
لقد تحول شعار أمنية (انتمي) إلى واقع وحقيقة لمسه مشتركيها قبل موظفيها ،وجعلته هذا الشعار محط الأنظار والاحترام ، ولم يبقى مجرد حروف، وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال وهدفي نشر هذه التجربة والاقتداء بها والاستفادة منها، حيث أثبتت بما لا يدعو للشك بإمكانية بث روح الانتماء وبالتالي زيادة العطاء اعتماداً على منح الموظفين ثقة أكبر وأمان أكبر وإحساس بأنهم مقدرون ، وهذا برأيي و برأي الكثير من أفراد الشركة سبب رئيسي لنجاح الشركة الباهر، وسبب رئيسي لتمسك الكثير من أبناء هذه الشركة بالعمل ضمن فريقها في ظل هذه الأجواء العائلية المريحة، وهذه ليست مبالغة فهناك من رفض إغرآت مادية ورواتب مجزية وفضل البقاء وعدم الرحيل لشعوره بالانتماء وخوفه من فقدان هذه الأجواء السائدة.
كان هدفي من هذا المقال هو تسليط الضوء على قصة نجاح أردنية أبطالها مواطنون أردنيون وإدارة أردنية فذة، استطاعوا أن يقدموا نموذجاً يقتدى به ويدرس ويعمم وتستطيع أغلب الشركات والمؤسسات تطبيقه، فها هي سفينة أمنية والتي تعيش نفس الظروف التي يعيشها البقية وتواجه نفس الأمواج والمصاعب ولكنها استطاعت بشهادة الجميع وبفضل قوة طاقمها وحنكة ربانها وفطنته ومتانة مركبها بأن تشق عباب هذه الأزمة دون أن تلقي بأي من أفرادها في البحر أو دونما أن تنقص على أي منهم كما فعلت بعض الشركات التي لديها مشتركين أكثر وحققت أرباح أكثر ولكن سفينتها ضاقت على بعض أفرادها فاستغنت عنهم دون رحمة، وفقدان الآمن الوظيفي يعتبر أبشع ما يواجه أي موظف، فهو يحد من قدرته على العطاء والإبداع ويضعف روح الانتماء ويفقده الاستقرار الوظيفي والأسري .
ولهذا كتبت عن أمنية العائلة والبيت بهدف الدعاية لهذا النموذج وليس للترويج لها أو لأي هدف آخر.