بيان علماء الشريعة الأجلاء في جبهة العمل الإسلامي ( الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الأردن ) , والذي أدان مساندة القوات المسلحة الأردنية لأية قوات أجنبية في حربها على أيّ بلد أو شعب مسلم ... هذا البيان ، وفي هذا التوقيت بالذات يجعل المراقب يشكك في مضمونه ومعناه ومراميه ...نحن نتفق بالتأكيد مع ما ذهب اليه البيان ، من أن هذه الحروب التي تشنها الإمبرياليات الغربية ، وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية ، ليست حروبنا ، وأنه ليس لنا فيها ناقة ولا جمل ، بل إن القوى والأحزاب الوطنية الأردنية ، كانت ومنذ أمد بعيد تقف ضد هذه الحروب الظالمة التي تقودها أمريكا وقوى التحالف الإمبريالي على دول وشعوب العالم تحت عناوين مضللة وبحجج أوهى من بيت العنكبوت ... كانت الأحزاب والقوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية مدركة لخطورة حلف بغداد في خمسينات القرن الماضي ، بينما كان هؤلاء الإسلاميون صامتين صمت القبور ، بل ومتحافين مع القوى المروّجة لحلف بغداد ... وطوال فترة الأحكام العرفية في بلادنا ولأكثر من 30 عاما ، كان الإسلاميون في شهر عسل متصل مع الحكومات المتعاقبة ( بل ومشاركين في أغلبها ) بينما يرزح الوطنيون الأردنيون في السجون والمعتقلات ويحاربون حتى في لقمة عيشهم ... إذن ما الذي جدّ حتى يخرجوا على شعبنا بهذا البيان ؟ الإجابة على هذا السؤال ، لا تحتاج الى التذاكي أو الذكاء ... إنهم ببساطة ، وبعد مقاطعتهم للإنتخابات النيابية ، يحاولون التذكير ، بأنهم ما زالوا موجودين على ساحة العمل السياسي ، وأن لهم من المواقف السياية ما يميّزهم عن غيرهم من القوى والأحزاب ...
وفي حقيقة الأمر ، إن رفض أو قبول مشاركة الأردن في أيّ تحالف سياسيّ مع دول أخرى هو موقف سياسي بالأساس ، وليس موقفا يحتكم الى الشرع ... ويعلم علماء الشريعة الأجلاء في جبهة العمل الإسلامي ، أنه في ظل عدم وجود مرجعية ( إفتائية ) موحدة تلزم كل المسلمين بموقف موحد ، سيكون من الصعب عليهم اقناع الآخرين بفتوى من هنا وأخرى من هناك مفصلة حسب الطلب أو حسب الضرورة وبمقاس معيّن ... ماذا سنقول بفتوى أصدرها علماء السعودية ( الوهابيون ) بضرورة إعطاء كل ما يلزم من تسهيلات لقوات التحالف لضرب العراق ومقدرات العراق وشعب العراق ؟ وهؤلاء الوهابيون ليسوا من الشيعة ... ليسوا من الروافض ... بل من أهل السنة والجماعة ...
الأمر أيها المشائخ الأجلاء هو أمر سياسيّ بامتياز ... أبعدوا الدين عن التلوث بالمستنقع السياسي ... المسألة هي باختصار شديد ، مع من نقف ؟ ومع من نتحالف ؟ راجعوا الردود والتعليقات على بيان المشائخ ، لتكتشفوا كيف يحاول هؤلاء الضحك على ذقوننا بفتواهم هذه بتناسيهم تحالفهم المشين مع الإمبريالية الأمريكية عندما كانت تخوض حروبها ضد النظام التقدمي في أفغانستان وكيف دفعت بشباب الأردن وغيره الى ( الجهاد المقدس ) ضد ( الشيوعيين الأفغان ) ، وكل ذلك كان بقيادة الأخ الأكبر ... أمريكا ...
من كان بيته من زجاج ، لا يقذف الآخرين بالحجارة ...
يشكر الأردن على ما يقدمه من خدمات طبية وإنسانية الى كل شعوب الأرض التي تعرضت وما زالت تتعرض الى العدوان الأمريكي أو الصهيوني ... وهي خدما جليلة وضخمة ، لا ينكرها إلا جاحد أو مضلل ...
أما عن التحالفات السياسية وما يستتبعها من التزامات بالضرورة ، فهي مسألة سياسية ... فقط سياسية ... وحولها يجب أن يدور الحوار .