زاد الاردن الاخباري -
خاشقجي «معارض سعودي» من نوع مختلف، فريد من نوعه، وهو معتدل ومعروف جيداً وصاحب علاقات واسعة تضم شخصيات من العائلة المالكة السعودية ومعارضين من أطياف وبلدان مختلفة وصحفيين وأكاديميين كبار، وهو كذلك مؤثر للغاية ولهذا تم قتله في بهذه الطريقة المروّعة! وكل الذين التقوه مؤخراً قالوا إن مسحة من الحزن والأسى، وربما اليأس كانت تخرج من بين «كلمات أبو صلاح» كما كان أصدقاؤه ينادونه، وكأنه كان يشعر بما سيحدث له في سفارة بلاده عما قريب.
“عندما أتحدث عن الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العام للمثقفين والزعماء الدينيين الذين يتجرؤون على التعبير عن آرائهم، ثم أقول لكم إنني من المملكة العربية السعودية، فهل يفاجئكم الأمر؟” كتب جمال في أول مقالة له بواشنطن بوست، معلناً موقفه الجديد، وأضاف: لقد كان أمراً مؤلماً بالنسبة لي قبل سنوات عديدة عندما اعتُقل عدةٌ من أصدقائي. لم أقل شيئاً. لم أرد أن أفقد وظيفتي أو حريتي. وقلقت بشأن عائلتي. وقد اتخذت خياراً مختلفاً الآن. تركت وطني وعائلتي ووظيفتي، وها أنا أرفع صوتي. إذ إن القيام بغير ذلك سيكون خيانة لهؤلاء القابعين في السجون. فأنا يمكنني التحدث عندما لا يستطيع كثيرون. أريدكم أن تعرفوا أن السعودية لم تكن دائماً مثلما هي الآن. ونحن السعوديون نستحق ما هو أفضل من هذا.
أسباب اغتيال جمال خاشقجي
في سعينا لاستعراض الأسباب التي جعلت مسؤولين سعوديين يقومون بقتل «المعارض السعودي» في سفارة بلاده في الخارج، تواصلنا مع محلل سياسي مطلع على قضية «اغتيال جمال» وأخبرنا إن قضية قتل جمال خاشقجي في السفارة ليست بهذه الصعوبة، ولا تحتاج لجهد كبير لكشف تفاصيلها مقارنة بعمليات أخرى معقدة.
ومع ذلك لم يتسن للمسؤولين السعوديين تهريب خاشقجي خارج البلاد ولا تركه بعد أن قاموا باختطافه وتعذيبه، القضية بسيطة من الناحية الجنائية: دخل سفارة بلاده وقتل، ولا تعقيدات كبيرة في فهم ما جرى!
لهذا قتلوا «الرجل المعتدل» الذي يتحاشى وصفه بالمعارض
في حواراته كان جمال خاشقجي، يمدح وينقد، ويعترض ويوافق، ويؤيد بعض الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان، ويعارض بعضها أيضاً، ولم يكن خاشقجي راديكالياً ولا جذرياً، ولم يطالب بإسقاط حكم العائلة السعودية للبلاد كما يفعل غيره من المعارضين في الخارج. وإضافة لذلك كان خاشقجي يتحاشى وصفه بـ «المعارض السعودي»، حسب الصحفي ديفيد هيرست الذي وصف نفسه «بصديقه» وأضاف هيرست أن خاشقجي «اعتبر نفسه ملكياً، ابناً للمؤسسة، وصحافياً مخضرماً في السياسة الخارجية، وكان لأمدٍ طويل داخل دائرة الديوان الملكي التي يكتنفها الغموض. وسافَرَ معهم في مناسباتٍ سابقة». ولم يشكك خاشقجي في شرعية الملكية السعودية، ولا قواعد تداول الحكم فيها، وكان مؤيداً للملك سلمان نفسه بعد توليه مقاليد الحكم.