لا ادري لماذا يندفع البعض دون وعي وإدراك وراء أحداث تقع هنا او هناك تتعلق بالعلاقة الأردنية الفلسطينية ويخشى على هذا النسيج كما يسمونه أحيانا من الخراب والتدهور والتطور إلى ما لا يحمد عقباه ! فان كان صحيحا ان هناك شخصيات أردنية وفلسطينية مرموقة تسعى لتأسيس حزب أردني يسعى لتوحيد المجتمع الأردني على القواسم المشتركة للشعبين الأردني والفلسطيني فأن أولئك النفر قد فاتهم حقائق عديدة واضحة وضوح الشمس لا يمكن إخفائها والتلاعب بها او طمسها وهي ذات مدلولات كبيرة لا يرغبون الاعتراف بها ويحاولون عبثا البحث عن مخرجات الأزمات التي تنشأ بين الفينة والفينة حول الهوية الأردنية والوجود الفلسطيني في الأردن وخيار الوطن البديل وغيرها دون الاعتراف او الخوف من الاقتراب منها ، وأولها ان الشعب الأردني بكل أصوله وأطيافه إخوة دم ومصير اختار لنفسه ان يكون مناصرا لأبناء الشعب الفلسطيني في صراعه مع اليهود ولن يقبل ان يكون المناصر للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني على حساب هويته وأرضه ومكتسباته تحت أي مسمى وحدوي واخوي اوتحت مسميات شرعية وعقائدية يروج له البعض لتبرير بناء وطن بديل للشعب الفلسطيني على حساب الأرض الأردنية التي بدءها التهديد فعلا بعد ان تنازلت القيادة الفلسطينية طوعا عن ملفات الحدود واللاجئين في اتفاقيات أوسلو وسمحت للإسرائيليين منذ ذلك الحين التفكير بوطن بديل للشعب الفلسطيني عززتها اتفاقيات وادي عربة مع الأردن التي لم تضع حدا لقضية اللاجئين اوحتى موضوع فك العلاقة القانونية والإدارية مع الضفة بشكل دستوري قبل توقيع تلك الاتفاقية !!
إن الدفاع عن الهوية الأردنية والاعتزاز بها وإشهارها في كل محفل لا يعني طغيان عرق على عرق او طمسا للهوية الفلسطينية فذلك حق الأردني المبني على سنوات طوال من النضال والتضحية والبناء ، ومن حق الأردني ان يعتز بهويته في العلن وليس في السر كما يجري الآن خشية الاتهام بالإقليمية ! ولا اعتقد ان شعب في العالم يخجل ان يعلن هويته على الملاء ويعتز بها دون ان تلاحقه تهم الإقليمية كما هي حال الأردني الذي يشعر وبكل جدية باغتراب كبير داخل وطنه بعد ان فقد الكثير من المكاسب التي كان يتمتع بها طيلة عقود مضت وبات يخشى ان يعلن حتى اسم عشيرته التي ينتمي إليها في بعض الدوائر والمؤسسات خشية ان يفقد حقه في وظيفة أو مركز يطمح في الوصول إليه !! فعبر عن احتقانه بأعمال ومسالك مختلفة ، فلجأ إلى أعمال العنف والمشاجرات في الجامعات والقرى وسلك مسالك الفاسدين في الحصول على قطعة من كعكة الوطن التي توزع على بضع عائلات أدمنت الفساد وجعلته ثقافة طبقتها ! فخاض مع الخائضين انتخابات البلديات والبرلمان وما قد يعود عليه بالفائدة لينال كغيره حصة من تلك الكعكة التي لم تجد رسميا من يحميها ويحافظ عليها من سطوة الأيادي الفاسدة الناهبة لها دون وجه حق !
ان البحث عن توحيد المجتمع في الأردن على القواسم والثوابت الوطنية بين الشعبين الأردني والفلسطيني لن يتم من خلال إقامة مباراة ودية احتفالية بين ألفيصلي والوحدات او من خلال تأسيس حزب وطني ثنائي التوجه والهوية سرعان ما ينقسم على نفسه ويتلاشى وسيكون ضربا من خيال الفازعين لترميم لأننا عالجنا تلك الدمامل من الخارج ولم نغوص لجذورها ولن يتم ذلك قبل بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة اللاجئين وترسيم الحدود ، وهذا يستدعي إعادة النظر بكل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل التي ينادي برلمانها اعتبار الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين حتى الساعة ! ومحاربة كل اتفاقية تعقد او تنازل يقدم حتى من قبل السلطة الفلسطينية نفسها ان كان لا يصب في مصلحة الأردن ، وكذلك إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة الأردنية المترهلة وتمتين أساسها من خلال محاربة الفساد والاعتداء على المال العام وبناء مؤسسات الوطن الديمقراطية على أسس صحيحة وبقوانين حضارية يحترمها الجميع ، ودون ذلك فأن ما سيجري هو ضرب من الخيال !