المهندس أكثم الصرايرة
يبدو أن ما كنا نخشاه قبل الانتخابات وتشكيل مجلس النواب عندما تناهى لمسامعنا أن فيصل الفايز هو رئيس المجلس القادم قد حصل، وأن خيوطه الأولى قد بدأت تلوح بالأفق، فقد كانت خشية الكثيرين من أن يصبح لدينا حكومتان، حكومة الرابع وحكومة العبدلي، في إشارة واضحة لخلفية الفايز الحكومية التي تأملنا أن ينسلخ من ثوبها ويرتدي ثوب الشعب ويتبنى مواقفه وأرائه، وأن لا يكون خط دفاع أول عن الحكومة حاشد معه الكثير من نواب الشعب الذين تناسوا دورهم كما كان متوقع وأخذوا يتبرعون بالدفاع عن الحكومة وينوبون عنها بدل أن ينوبوا عن الشعب.
وهذا ما بدا جلياً وواضحاً للأعيان في الأيام السابقة، فبعد أن تنطح بعض النواب وأخذوا زمام المبادرة المجانية، وأخذوا يهاجمون رئيس نادي الوحدات طارق خوري، ونابوا عن وزير الداخلية ومدير الدرك بصورة اثارت الدهشة ورسمت علامات استفهام واستغراب على وجوه جميع المراقبين المتفائلين قبل المتشائمين، وعاد الأخوة النواب ليتقمصوا دور الافتاء وراحوا يهاجمون بن رشيد الذي هو مواطن اردني بالدرجة الاولى قبل كل شىء، فأراحوا حكومة الرفاعي من عناء الرد، وتكتمل الصورة بشخصية رئيس المجلس الذي يبدو أنه ما زال في داخله يعيش الأجواء الحكومية ولا يستطيع الخروج من تحت عبائتها، فيعلن أن نقابة المعلمين غير دستورية ولا شرعية لها، ويطالب النواب بعدم التطرق لهذا الموضوع، فوضع نفسه والمجلس في مواجهة الآف المعلمين والنقاد الذين استهجنوا هذه التصريحات التي كان فيها الفايز متشدداً أكثر من وزير التربية ورئيس الوزراء وكأنه يريد أن يثبت بأنه ما زال حكومياً أكثر من الحكومة نفسها .
أجمع الكثير من المحللين والمختصين في الشأن السياسي على ضعف الخبرة السياسية والنيابية عند أغلب أعضاء هذا المجلس، وذلك عائداً لكون أغلبهم لا يستند لتاريخ معروف وطويل في العمل السياسي، وتوقعوا أن تكون بدايته ضعيفة، وتأملوا أن يتصاعد أدائه مع الأيام، لكن ما لم يتوقعوه وما لم يكن في الحسبان هو أن يتقمص النواب شخوص الحكومة ويأخذون على عاتقهم مواجهة الشعب ومساعدة الحكومة.
علامات استغراب واستهجان وانطباعات محيرة ومقلقة أبداً تبعث على أي طمئنينة أو أمل في هذا المجلس، ويبدو أنه يسير في اتجاه كل التوقعات وربما بسرعة وهرولة أكبر، وتطبيع أكثر من المطلوب حكومياً، وربما تتدخل الحكومة لاقناع بعض النواب بعدم منحها الثقة حتى تعطي بعض المصداقية لثقتها التي هي تحصيل حاصل وبرقم ربما سيكون قياسي سيسجل في كتاب غنيس للأرقام القياسية.
لا أعرف ماذا أقول وكلي احباط يزداد كل يوم وبعد كل مقال اقرأه لبعض الكتاب الصادقين والأخبار الحيادية طبعاً المستقاه من أغلب الصحف الالكترونية، بعد أن انضمت أغلب الورقية لشقيقها الأكبر التلفزيون الأردني الذي انتقل إلى رحمة الله بعد حياة حافلة قضاها في الطبطة والتعتيم وإخفاء الحقيقة والاستخفاف بعقول المشاهدين والجلوس في آخر القطر.
وبما أني كتبت هذا المقال قبل يوم النكبة يوم أمس، فقد كان لدي بعض الأمل، أما وقد حدث ما حدث وتأكدت جميع مخاوفي في هذا اليوم الذي ثبتت فيه الرؤيا، وأتت الإجابة الوافية والشافية على كل علامات الاستفهام والتعجب والاستفسارات التي أثارها المتابعين للشأن البرلماني، فقد منح المجلس الحكومة التي أوصلتنا لحافة الهاوية، وفرضت علينا ضرائب كانت الأعلى في تاريخنا، الحكومة التي قمعت الحريات و و و....
ثقة غير مسبوقة، تخطت كل التصورات والتوقعات، ثقة تاريخية ستسجل وتنقش في كتب تحطيم الأرقام القياسية، ثقة لم تبنى على قناعات او وقائع أو حقائق، بل ثقة عمياء لا تستحق ربعها هذه الحكومة، ثقة لا تعطى لحكومة شعبها يفطر عسلاً و يتغدا لحماً ويتعشى سمكاً ، وليس حكومة لشعب جائع تائه عن رغيف خبزه يلهث باحث.
من قرأ تعليقات القراء على هذه الثقة، وشاهد ردة فعل المواطنين، يلاحظ حالة الاحباط المبكرة التي خيبت آمال كل من ذهب وانتخب، وتؤكد نجاعة قرار المقاطعة الذي أصاب، وتؤكد بأن خيوط الأمل في هذا المجلس قد تلاشت، والقادم سيكون مظلم، وستصول حكومة الرابع وتجول بحرية أكبر وبشرعية مضمونة أكبر مستعينة بدعم حكومة العبدلي اللامحدود والغير مشروط، ومن هنا فأنني:
أولاً: أطبع 111 قبلة على خد كل أردني
ثانياً: أهنئه على 111 صفعة التي تلقاها على وجنتيه
ثالثاً: نعتذر للمجلس الخامس عشر على كل ما قلناه عنه
رابعاً: ابارك للحكومة ال 111 وزير جديد
خامساً: أوجه تحية اجلال وفخر وعز لنائبة الأردن بنت الوطن أخت الشعب ميسر السردية على هذا الأداء الرائع ، إذ أثبتت بأنها خير سفير وأهنئ المفرق على هذه النشمية ونقول لها أعانك الله.
سادساً: أدعو الشعب المكلوم للمشاركة في تشييع مجلس النواب الذي وافته المنية وهو في مهده عن عمر يناهز الشهرين، وندعو الله أن يلهمنا الصبر والسلوان،
الفاتحة