أن تفوز حكومة السيد سمير الرفاعي بثقة مجلس النواب، فذلك امر كان مفروغاً منه أصلاً قبل أن تحصل الإنتخابات النيابية التي فصّلتها حكومة الرفاعي على مقاسها تماماً، ولكن أن تكون الثقة بهذا الرقم الكبير فهذا ما يحتاج المرء للتوقف عنده ملياً.
أجزم ان جزءاً كبيراً من المواطنين لم يحفل ولم يعبأ بخطابات الثقة التي استمرت لعدة أيام، فمواقف النواب في نظر الكثيرين باتت معروفة مسبقاً وحتى بدون أن يتحفونا بخطاباتهم في جلسات الثقة، بعض النواب هاجم الحكومة وأعطاها الثقة في نهاية المطاف، وبعض النواب تغزّل بالحكومة واعطاها الثقة أيضاً، وجزء يسير من النواب انتقد الحكومة وحجب عنها الثقة، لتكون الثقة التي حصلت عليها الحكومة رقماً غير مسبوق في تاريخ الحياة النيابية الأردنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وقد حصلت الحكومة الرفاعية على هذه الثقة الكبيرة من مجلس النواب السادس عشر، هل أن هذه الحكومة هي لسيت ذات الحكومة التي قادت السلطة التنفيذية منذ أكثر من عام ، وما مر علينا كشعب أردني من ظروف قاسية وصعبة؟
وهل أن هذه الحكومة هي ليست ذات الحكومة التي قادت السلطة التنفيذية منذ أكثر من عام التي توالت فيها الأحداث الجسام من احتقانات عشائرية وجامعية ورياضية والصدامات التي سبقت وتلت الأنتخابات النيابية وما جرته من ضغائن وأحقاد بين أفراد الشعب الأردني الواحد؟
وهل أن هذه الحكومة هي ليست ذات الحكومة التي قادت السلطة التنفيذية منذ أكثر من عام والمسؤولة عن زيادة المديونية لتصل إلى أرقام قياسية ناهيك عن الزيادات المستمرة في الأسعار والغلاء الذي بات المواطن يضيق ذرعاً فيه؟
وهل أن هذه الحكومة هي ليست ذات الحكومة التي قادت السلطة التنفيذية منذ أكثر من عام والمسؤولة عن السكوت على تفشي ظاهرة الفساد التي ازكم بعض النواب انوفنا في التحدث عنها وخصوصاً في بعض المؤسسات الحيوية والشركات الإستثمارية الكبيرة؟
كمواطن أنتمي لهذا البلد الغالي وترابه الطهور، أتساءل حقاًُ، هل تستحق حكومة السيد الرفاعي كل هذه الثقة التي نالتها من النواب، وهل بعد هذه الثقة يجرؤ أي نائب من الذين أنعموا على الحكومة بثقتهم فيها أن ينتقدوا أي إجراء تقوم به الحكومة وفيه مساس بحياة المواطنين وحرياتهم وقوتهم وسكناهم.
ما دامت الحكومة والنواب قد اتفقوا على الشعب، حين ضرب النواب عرض الحائط بوعودهم للشعب وأعطوا الحكومة ثقة غير مسبوقة على الرغم مما ذكرت سابقاً، هل ما زالت الحكومة والنواب يشعرون بهذا الشعب الذي تزداد ظروفة المعيشية سوءاً يوماً بعد يوم، وهو يرى البذخ الحكومي والولائم الرسمية تدفع من جيوبنا ومن تعبنا وعرقنا.
إعطاء الثقة للحكومة بهذه الصورة، إنما هو استخفاف ما بعده استخفاف من مجلس النواب بالشعب الأردني الذي عانى وسيعاني من سياسات الحكومة الحالية ورئيسها الموجود في موقعه منذ اكثر من عام ، وسيوسع الفجوة القائمة بين الشعب والدولة، وسيزيد الإحتقان بين أفراد الشعب الذين عايشوا الإنتخابات النيابية وما حدث فيها من تدخل لصالح مجموعة من المرشحين الذين أصبحوا نواباً من الذي قدموا الثقة مجاناً للحكومة التي أشرفت على انتخابهم ووصولهم إلى قبة البرلمان !!!.
في علم السياسة، يشترط لوجود الدول ثلاث أمور رئيسية، الإقليم أي الجغرافيا، والهيئة الحاكمة أي السلطات الثلاثة ، والشعب الذي يقيم في تلك الدولة، وما دامت الحكومة والنواب قد اتفقوا معاً وتوحدت رؤيتهم على السياسة التي ستدار بها الامور للفترة القادمة، فإنه يمكن القول ان النواب والحكومة مجتمعين قد اتفقوا على تهميش وجود الشعب الأردني عن كل السياسيات الحكومية التي ستكون بموافقة النواب الذين أعطوا حُسن سلوك لأداء الحكومة وتمريراً لقراراتها المستقبلية التي ستحظى بنفس درجة الثقة التي أولوها إياها، وما دام الامر كذلك، يحق لنا ان نتسائل : هل لا زال الشعب الأردني ذا قيمة عند النواب والحكومة على حد سواء ؟؟؟، وهل تحتاج الحكومة والنواب للشعب الأردني لتكتمل أركان الدولة الأردنية؟؟؟