معتصم مفلح القضاة
تابعت باهتمام قبل شهرين تقريباً ( وربما أقل من ذلك أو أكثر) ما دار بين الزميل حازم عواد المجالي ومعالي السيد صالح القلاب من مناوشات بدأت ودية لتصل بعد ذلك إلى ساحات المحاكم وأروقة المحامين، والحقيقة أن عتبي كان كبيراً على الزميل حازم عندما نشر برسالة لتوضيح مقصده من المقال الذي نشره ناقداً لأداء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، الأمر الذي دعاني لإعادة قراءة المقال من جديد، فخلصت إلى قناعة أنني أضعت من وقتي في قراءة التوضيح ما أضعته بقراءتي الثانية للمقال.
الأمر كان واضحاً أن النقد كان عملياً وليس شخصياً، حتى وإن وردت بعض الأسماء في المقال، وأن ما ورد في المقال لا يحتاج إلى توضيح ولا إلى مراجعات ليفهم القارئ مغزى الكاتب وهدفه، ولو أن شخصاً آخر كان على رأس نفس المؤسسة لكان النقد بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب. وأن مستوى قارئ المقالات أوعى من أن يحتاج إلى دليل تشغيل ومصطلح لفك الرموز، ليصل إلى نتيجة أن المقال ينقد الأداء قبل أن ينقد الأشخاص.
اليوم وأنا أكتب هذه الكلمات تحول عتبي إلى جهة أخرى في القضية، ليصل إلى معالي صالح القلاب وزير الإعلام الأسبق، إذ كان ينبغي أن يكون من المؤيدين والمناصرين لحرية التعبير، وأن يكون في مقدمة من يؤيد ويناصر النقد ويتقبله، وبحكم ترأسه لمجلس إدارة مؤسسة عريقة كالإذاعة والتلفزيون، كان ينبغي أن يضع يده على ما ورد في المقال وينظر إليه على أنه نصيحة قدمت بالمجان، وأن التعليقات التي تلت المقال هي بمثابة استفتاء على ما ورد فيه، والواجب في هذه الحال المسارعة لإصلاح الخلل – إن وجد - .
كان من الأولى ألا تصل هذه المناوشات – إن صح التعبير – إلى قاعات المحاكم، ولا إلى مداخلات واستشارات المحامين، بل كان من الواجب إن شعر السيد ( الحَسَني ) بأن تجريحاً شخصياً طاله من المقال، أن ينظر بنظرة عتب ناحية الجنوب الكركي، ليرد عليه ابنه ( المجالي) بفائض من المحبة والاحترام الشخصي ويبين له أن مصلحة الوطن أولى وأهم من المجاملات والمناكفات، ليكتمل مسلسل النشامى بجمعة الأحباب على منسف بالجميد الكركي وتعود القلوب إلى أفضل ما كانت عليه، أو أن يصرّ معالي العين أن الجمعة هذه المرة في صدر بيته، بمعية من يحب المعزب.
أما إن كانت المناسف وعادات الصلح قد بدأت تضمحل وتتلاشى، فجيرت الله عليكو ابعث منسف من دبي وريحونا من هالدوشة؟