أجمل ما ينتظره الناس من فصل الشتاء هو الشعور بالدفء ولذلك راحوا يتغنون بالمدفأة حتى قالوا عنها (فاكهة الشتاء) .
أما إذا لم نحسن استخدام هذه الأداة فإنها ستتحول إلى خطر صامت يهدد حياتنا, وهذا ما يحدث بسبب عدم الانتباه لكيفية التعامل مع هذه المدافئ, ما يؤدي إلى اختناق الأبرياء أو إلى اشتعال حرائق ونحن بغنى عن ذلك.
وغالباً ما نسمع عن حوادث مأساوية في بداية فصل الشتاء عندما يأتي فجأة برد قارص, فيلجأ بعض الناس إلى استعمال مدافئ مؤقتة رخيصة الثمن كمدافئ الغاز أو الكهرباء أو الفحم، ومن هذه الحوادث عريس وعروس ماتا خنقا عندما تركا مدفأة الغاز في غرفتهما المغلقة الأبواب والنوافذ، أم وأولادها الثلاثة ماتوا خنقا بعد استعمال مدفأة الفحم ضمن غرفة مغلقة.
ولهذا علينا أن نكثف جهودنا من خلال وسائل الإعلام لاسيما التلفزيون والإذاعة للتحذير من الاستعمال الخاطئ للمدافئ ولاسيما لأولئك الذين لايدركون أهمية تجديد هواء الغرفة, فينامون إلى جانب مدفأة الفحم المشتعلة في غرفة مغلقة طلبا للدفء ما يؤدي إلى تراكم غاز أول أكسيد الكربون في أجسامهم وقد يتسبب بوفاتهم إذا لم ينقذهم أحد في الوقت المناسب، ومن هنا تأتي أهمية الحرص على إخراج المدفأة من الغرفة قبل النوم مع ضرورة تجديد هوائها للتخلص من الغازات الضارة .
وما المانع أيضا من أن تلزم وزارة الصناعة والتجارة منتجي المدافئ بكل أنواعها وبائعيها من وضع بطاقة خاصة للمستهلك تبين كيفية استعمالها واختيار موقعها الصحيح الآمن, وكيفية إجراء صيانة لها مع كتابة تحذير لترك نوافذ الغرفة مفتوحة وإخراج المدفأة بعيدا عن غرف النوم، وهذا ينسحب على مدافئ الفحم والغاز والكاز .
وبالمناسبة, فإن هناك تقليدا متبعا في أوروبا للمنازل الريفية التي لا تزال تستخدم مدافئ البواري والحطب, إذ تقوم ورشات الصيانة بزيارة هذه المنازل قبل موسم الشتاء وتجري صيانة واختبار للمداخن لكي لا تكون مصدر تلوث لهواء البيت والمدينة أو مصدر إزعاجات أخرى كالروائح وفضلات الاحتراق ويتم إعطاء إشعار بذلك لدوائر البيئة والبلدية .
وعموما, فإننا عندما نشعر بغياب وعي المواطن في التعامل مع مسألة التدفئة نشعر بذات الوقت بغياب دور الدولة والأجهزة الإدارية والفنية المعنية، فما هي الرؤية المستقبلية للتعامل مع الطاقة، هل نشجع استخدام البواري أم الغاز أم الكهرباء أم طاقة الشمس والرياح، ولماذا لا يستخدم موضوع العزل الحراري المناسب بيئيا واقتصاديا الذي يوفر مبالغ تصل إلى 30% مما ننفقه سنويا على التكييف.
فهل ننتظر جوابا واحدا على مثل هذه الأسئلة .. أم لا أحد يسمع الصوت..?!
خـلـيـل فـائـق الـقـروم