الرئيس عباس يطل علينا عبر الفضائيات مهددا بحل منظمة التحرير الفلسطينية،في حال مضت إسرائيل قدما في زرع مشاريعها الاستيطانية في قلب ارض الدولة الفلسطينية المرتقبة.
الجميل في الأمر أن هذا جاء بناء على نصيحة مستشاريه حيث وجدوا أن اقرب الطرق واقصرها لاستعادة هيبة منظمة التحرير والسلطة يكون بإعلان التخلي عنها،مضحكة الصورة برمتها، كون التهديد قريب في صورته من المسرحية من صورة القائد المقدس للمد القومي العربي جمال عبد الناصر عندما أعلن تنازله عن الحكم اثر هزيمة حزيران أمام إسرائيل.
عباس يهدد فهل من مستمع،هل من مكترث اليوم،يهدد الرئيس وغدا بدلا من التأكيد يذهب بعيدا في أوهامه السرابية،أوهام يتم طبخها هناك في واشنطن بعلم عباس وأطراف عربية وبموافقة مخادع جامعة التفريق العربي.قد نخطئ،قد نصيب،خاصة إن علمنا أن تصرفات الريس عباس قائمة على سياسات العصا والجزرة،بحيث يضع الولايات المتحدة و شركائها وإسرائيل أمام التزاماتها!!!!
المشكل لنا جميعا بلا استثناء،أن إسرائيل ترفض تجميد الاستيطان،لا لمجرد الرفض،بل لأنه كان ومازال وسيبقى بمثابة شريان حياة للدولة الإسرائيلية.
إلى جانب هذا نجد إسرائيل ومن باب أولوياتها السياسية تقول على لسان طغمتها العسكرية أنه من المستحسن بمكان خوض حرب خارجية مع أعداء ضعفاء،لكن من السيئ خوض اقتتال داخلي مع أشقاء أقوياء.
إضافة إلى ذلك لا يمكن غض النظر عن اعتبار الاستيطان بمثابة شريان الحياة للدولة تستمد منه استمرارياتها،في ظل وجود ديمغرافية متفجرة تحملها أرحام الشعب الفلسطيني،تهدد بقاء الكيان الصهيوني ماضيا وحاضرا ومستقبلاً.
عباس بناء على التجارب السابقة فشل في إدارة السلطة،هذا الضعف ممتد له من ضعف منظمة التحرير التي تحتكم إلى سياسة الرجل الواحد،التي خرجت عن سكة حديدها المقاوم منذ عشرات السنين – بعد خروجها من لبنان وتفضيلها الرأسمال على الثورة - بحيث أضحت اسم بلا وجود،وجسد بلا روح،وشكل دون مضمون،ودولة بلا حدود.
اللهم خلا في مخيلة عباس الوهمية،مع أن الحقيقة البينة للجميع تقول : إن هذه الدولة لا وجود لها ماضيا،ولن تكون حاضرا،واستحالة مستقبلا بناء على واقعية الأوضاع الشائكة التي تعتمل في خطى سيرها،الدولة الفلسطينية إن أخذناها على محمل الجد في الحقيقة أجهضت منذ زمن بعيد،بعدما سلمت أسلحتها كافة للمحتل وهي بكامل قواها العقلية،بمقابل أكذوبة سلام الخرفان والانهزام والتسليم والاستسلام.
هذا قاد الريس عباس ومن حوله لان يكونوا سواعد بقاء للكيان المغتصب،ومعول هدم للحق الفلسطيني،وما الدور الأمني للسلطة في الضفة الغربية اليوم الا دليل شديد البياض على هذا،فأجهزة السلطة بدلا من أن توجه فوهات بنادقها صوب قلوب الأعداء،استبدلت وجهتها نحو صدور الأشقاء،وضد مصالح الشعب الفلسطيني العليا،هذا إن بقي هناك قضية بالأصل في نظر هؤلاء.
لقد تخلت المنظمة عن أسلحتها،اعترفت بحق إسرائيل في الوجود في حين لم يعترف في المنظمة وسلطتها واقعيا احد،سمحت بدخول قطعان المستوطنين،في حين منعت إسرائيل من عودة لاجئ واحد إلى أرضة،إضافة إلى ذلك فان الخيارات العربية بما فيها الفلسطينية التي انطلقت من قمة الخرطوم ترفع راية لاءتها الثلاث الشهيرة،لم تستمر بل تحولت في قمة الرياض إلى نعمات ثلاث،أليس هذا شي مضحك مبكي .
القضية باتت في مرحلتها النهائية وتطالب الجميع شد الأحزمة وعصر العقول،تحضرني في النهاية مقولة زبغينو برجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي ابان فترة رئاسة كارتر وبعد زيارة السادات للقدس أثر توقيع معاهدة كامب ديفيد 1978 بين إسرائيل ومصر،حيث قال وبالحرف الواحد\" باي باي يا منظمة التحرير\".
لقد باتت المقولة اليوم واقعا حقيقياً لا مجال لإنكاره فقد أضحت المنظمة وحتى السلطة الفلسطينية في غرفة الإنعاش تلفظ أنفاسها الأخيرة،وبات يوم وفاتها قاب قوسين أو أدنى،هذا إن لم يتكفل احد بتخليصها من همها بواسطة الإقرار بقتلها قتلاً رحيماً بعدما قتلت عقلياً وجسدياً وثورياً وسريراً،وإكرام الميت دفنه والترحم له،لا إبقاءه والندب عليه في النهاية نقول لا خير في منظمة وسلطة لا تحترم دماء أبناءها وتاريخها وتتنكر لهما. الله يرحمنا برحمته .... وسلام على اردننا الهاشمي ورحمته من الله وبركه.
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com