ما الذي أصنعه إن كان حظي عاثراً إلى هذه الدرجة ؟
أعلم أنك إمرأة لا تقرأين ولا تكتبين، وإن حدث فلا تفهمين ، إلا أن المشكلة لا تكمن في هذه النقطة تحديداً فثمة ما هو أقسى.
ها قد عاد المطر من جديد، ليقرع زجاج نافذتي، وكأنه يستأذنني بالدخول،
علماً بأنه قد أصبح واحداً من أفراد أسرتي الكبيرة ، يتسلل إلى غرفنا من
خلال التشققات المتوفرة في حواف الشبابيك ، لتجد أن ذلك التسرب قد بدء
يرشح على الجدران التي اصبحت تلثغ بحرف الماء ، وقد تجمع على الأرضية ،
الأمر الذي يدفع أمي للغضب ، وتبدأ بكيل الدعاوي عليَّ \"وعلى يومي ، وعلى
الجامعات إلي حوتني\" ، لأني إلى الأن لم أستطع العثور على حل لتلك
لمشكلة! وفُقد من قاموس أمي تهديداتها القديمة بإقتراب عودة أبي من العمل
كي يقوم بإعادة \"تربايتي\" من جديد.. وهذا يعني أنني كبرت بما فيه
الكفاية !.. \"ميله\"..
- لكن يا أمي \"إفهميني\" أنا لست متفرغا ، و\"بعدين مش لاقية غيري في البيت\" !!
صديقتي : أنا أتحدث عنك ..
لا أعلم لماذا أجد هذا الفصل الذي يقف على الأبوب ، يشبهك تماماً ، وأكاد
لا أفرقُ بينكم ، فأنت تشاركينهُ في كثير من الصفات ..رياحكِ التي تهب من
مختلف الجهات ، وضبابيتكِ التي تنتشر في الأجواء والطرقات ، وتقلباتك
المتعددة بشكل مستمر وتحول سماؤك الصافية إلى سماء تمتلئ بالضباب
والخصومات!.
حتى ذلك الرعد والبرق الذي تحتفظين به دائما في جيب معطفك الداخلية.
وجزدانك الصغير ، وفي سماعة هاتفك حتى في اجتماعاتك المقتضبة التي تحدث
بغتة .. ذلك الرعد الذي ينتج عنه شرراً عندما يستقر على طرف لسانك العذب!
لأجل كل ما سبق ، وبسبب ذلك الضيف المراوغ الذي لم نرى وجهه جيداً حتى
الآن الذي ما زال يمسح قدمية عند عتبة بابنا هو واصدقائه المشاغبين ، مثلك
تقريباً!
ها أنا الأن بصدد إعداد استراتيجية وقائية جديدة تقتضي أن أكون يقظاً
ومستعداً دائماً وقد تجهزت لفصلك الشتوي جيداً وابتعت خصيصاً معطفاً
ثقيلاً وطاقية صوف بالإضافة إلى فروة توضع على الأذن . وسأخلع ما تبقى من
فتات على شكل مشاعر كي لا اتأثرمن تقلباتكما التي لا تخطر على البال !
وأرجو أن لا تزعجك تلك الاجراءات الاحترازية سيدتي ، فالبرغم من صعوبة
اجوائك إلا أنكِ ما زلتِ فصلاً جميلاً وضرورياً كي نبقى على قيد الحياة .
حمــزة مــازن تفاحــة
hamzeapple@yahoo.com