الفضائيات الأردنية .. لزوم ما لا يلزم !

أحاول عبثا أن أتنقل بالريموت من محطة فضائية أردنية إلى محطة أخرى من بين تلك المحطات الفضائية الأردنية المختلفة علي أجد فيها ما يستفاد منه على صعيد اجتماعي يتناول قضايا الشباب والمرأة والتحديات التي تواجه فئات مجتمعنا ، أو على صعيد قضايا اقتصادية لدولة تعاني من أزمات اقتصادية مختلفة ، او على صعيد سياسي واجتماعي تواجهه بلادنا على صعيد الفساد والمحسوبية والشللية والبطالة وانعكاساتها على الشباب الأردني ، أو حتى على صعيد برامج ثقافية أو رياضية أو فنية مختلفة كما هي حال الفضائيات العربية التي تلقى كل الاهتمام والمتابعة من قبل الجمهور العربي .
أقول عبثا لأنني أدرك أن بعض منها يعمل فقط للكسب المادي وهي لا تحمل أي رسالة ثقافية أو إعلامية تعنى بهموم الوطن والمواطن بل تسعى جاهدة لاستقبال رسائل المواطنين بالتهاني والتفاخر بالوصول والترشح لمختلف المواقع ودون ذلك لا تقدم شيا يذكر ، وتستمر ببث الأغاني الوطنية طيلة النهار إلا ما خلا منها بعض الاستراحات للحديث عن موضوع ما ، أو تصنع لنفسها كما تفعل البعض مسابقات فارغة لا طعم لها ولا لون مثل اختيار شخصية العام حتى يتلهف الناس على المشاركة العبثية لاختيار شخصية العام في البلاد ، فتسمح تلك الفضائيات للسب والشتم بحق بعض المرشحين لتلك المسابقة والنيل من كراماتهم !! ومن ناحية أخرى تفتح هذه الفضائيات اذرعها لشخصيات وساسة من وزراء أو نواب او شخصيات اقتصادية او مرشحة لموقع ما مقابل مبلغا من المال كما يشاع لتجري معه حوارا باهتا يستعرض فيه الفرد انجازاته ويستعرض بطولاته ليظهر للناس وكأننا إمام حالة جماهيرية عظيمه يجمع الناس على نقاوتها وانتمائها وكثيرا ما يشارك الناس بتلك الحوارات لتكتمل لعبة الضحك على الذقون عبر اتصالات من مواطنين معدين سلفا للمشاركة والنفخ في عظمة الرجل وانجازاته لتنتهي الحلقة التجارية أو الإعلان التجاري المدفوع ثمنه مسبقا لتلك الشخصية التي قد يجمع الناس وهم الأقرب إليه على إدانة تلك البرامج التي تسخر من عقل المواطن والتي تحاول عبثا تغيير الفكرة والصورة السوداء لتلك الشخصية .
وأكثر ما يلفت في تلك البرامج ضعف أداء ولغة الشباب القائمين على تلك البرامج ، فأن تحدثوا العربية اخطأوا بالقواعد بشكل محرج لا يقع فيه طالب في الصف السادس الابتدائي ، وتارة يتحدثون بلهجة لبنانية \" مائعة جدا \" لا ينطق بها اللبنانيون أنفسهم ، وتارة يتحدثون بلكنة أردنية ممزوجة بعبارات لبنانية أو مصرية تضعك في حيرة من أمرك ، وهم في الغالب يوجهون برامجهم إلى الغالبية العظمى من المجتمع وخاصة الشباب منهم لجذبهم إلى برامج متعددة فارغة المضمون من مثل برنامج تلفزيون الواقع ولا ادري ما الهدف من تلك الفكرة والمغزى من تجمع بضع شباب يتحدثون اللبنانية أو المصرية وبميوعة وهم جالسون يتداولون موضوعا لا علاقة للمجتمع الأردني وهمومه بها مطلقا ، ومنهم من حاول عبثا تقليد قناة الجزيرة بحوارات غير لائقة في إدارتها من اجل إثارة طرف على طرف لتلو الأصوات والصراخ وتتنقل اللعنات بين المتحاورين اعتقادا أن مثل تلك البرامج تلقى الاهتمام والمتابعة من الجمهور الأردني الذي يجد في الفضائيات العربية الأخرى ملاذه وبحثه الذي يرغب قضاء الأمسية أمامه .
لم تسجل اية فضائية أردنية حتى اللحظة سبقا إعلاميا في أي مجال يذكر إلا في حجم ما يبث من أغان ورقصات مل الناس منها ، ولم تسجل تلك الفضائيات اية نجاحات تذكر في مجال حجم متابعة الشارع العربي لبرامجها المنسوخة أصلا عن برامج سبق للفضائيات العربية طي صفحتها قبل أكثر من عقد ، بل وفشلت في صناعة رجال إعلام تتلهف بقية الفضائيات العربية على استقطابهم كما هي الحال في الفضائيات العربية الأخرى إلا ما خلا من مبدعون اردنييون أنجبهم التلفزيون الأردني فقط قبل سنين عديدة .
الإعلام صناعة هذا الزمن ، وفن هذا العصر ، وواقع الفضائيات الأردنية وبكل أسف يقول أنها لا تتمتع بطعم أو لون أو رائحة الإبداع والنمو والتفوق والتطور المرجو ، فغدت عبئا على قائمة المحطات الفضائية العربية وعبئا على مشاهدنا الأردني الذي أضاف تلك الفضائيات إلى القائمة الطويلة من أسباب إصابة مواطننا بحالات الاكتئاب التي يعيشها !!