كانت النهاية في ليلة الزفاف التي من المفروض أن تكون بداية لحياة من نوع آخر ، بيت وأسرة وزوج وزوجة ،وهذا من مفارقات القدر التي لا طاقة لنا بها ، عندما تأتيك النهاية وأنت مقبل على أول حلقة من حلقات البداية ، وأنت من يجهز ويرتب لتلك النهاية ، نهاية دافئة في أواسط الشتاء هكذا هي الحياة نرتب فيها موتنا دون أن ندري .
تلك اللحظة التي سمعت فيها الخبر الذي أصابني بقشعريرة مريرة أوجعتني ، خبر وفاة العروسين في ليلة زفافهما جراء اختناقهما من المدفئة وأي ميتة تلك ، وقبلها ألام وابنها ذهبا وهم يبحثون عن الدفء بسبب تلك المدفئة اللعينة ، وأي دفء ذلك الذي يقودنا إلى حتفنا ؟ ويجعلنا نودع اغلي من نحب ونفارقهم ونترحم عليهم ونجلس بعدهم في بيوت العزاء ونشعل المدفئة ؟
يأتي الشتاء وتأتي معه تلك الصرخات التي يطلقها الدفاع المدني إلى كل أسرة : احذروا ، انتبهوا ، إياكم والمدفئة لا تتركوها مشتعلة ، غير أجواء الغرف قبل النوم ، أبعدوها عن الأطفال ، أبعدوها عن الأثاث ، لا تزودوها بالوقود وهي مشتعلة ، لا تناموا بجانبها ، لالالالالالا.... لكن لا حياة لمن تنادي وتتكرر الأخطاء وتتكرر الحوادث من موت واختناق وحريق وتلف دماغي بسب الغازات وغيرها ....لكن إلى متى ؟
أسعدني كثيرا ما قام به الأخ محمد الوكيل اليوم من حديث طويل حول الموضوع ، واقشعرت بدني كلماته وكلمات المتصلين من أرجاء المملكة وهم يتحدثون عن تجارب لهم مع تلك العدوة فمنهم من افلت منها وعاش نادما على تلك اللحظة التي ادخلها إلى بيته ، ومنهم من تحدث عن حبيب فارق الحياة بسبها .
نحن نعاصر الشتاء في كل عام ونشعل المدفئة في كل شتاء ونسمع عن تلك الحوادث ولربما نشاهدها أو نعرفها من قريب أو بعيد ، لكن لماذا لا نعتبر منها ؟ لماذا في كل شتاء نسمع عن جديد ؟ أليس لدينا الوعي الكامل لتعامل مع آلة صنعناها ؟ ألا تعز علينا أنفسنا وأطفالنا ؟ هل نحتاج إلى جندي من الدفاع المدني في كل بيت يعلمنا كيف نتعامل معها – وانا على ثقة أنهم لو طلب منهم ذلك لن يقصروا – لكن اعتقد انه يجب علينا أن نقول كفى إلى هنا توقفي عن سرقة من نحب توقفي عن اغتيال أحبابنا ، كفي عن خنقنا وارفعي يديك عن رقابنا .