لا يفوق حزني على فقير، أو على دمعة
طفل يركض في حواري اليتم، أو تلعثم سطور الجوع في أمعاء منكوب..الا ذاك
الحزن المندلق على «مستور» يعضّ ركبة فقره كي لا تركض خارج حمَى كرامته..
يتكاثر غيم الكآبة فوق عيني كلمّا قرأت عن وفاة عائلة بأكملها نتيجة
اختناقهم «بصوبة حطب»..ويفور غِلّي كلما سمعت مسؤولاً يلومهم على طريقة
موتهم..
(مدفأة الحطب) ليس طمعاً في الرومانسية، ولا رغبة في المغامرة أو إسعاد
الصغار، ولا اشتهاءاً لرائحة الدخان المنبعث من اشتعال الأخشاب وقطع
البلاستيك والكاوشوك، هي ملاذ الفقير الأخير من الشكوى،ووقايته الوحيدة من
برد القلوب الغليظة..نلومهم على طريقة موتهم؟ وهل يملك الفقير خياراً
لموته؟ ان لم يمت برداً وجوعاً مات اختناقا يا سادتي ..
نوافذهم «مشمعات بلاستيك» وأبوابهم قماش..يسدون ثقب الجدار بورق الجرائد
والخرق البالية، يتبادلون البناطيل والقمصان والدفاتر والألوان، يضحكون
وكأنهم يملكون الدنيا، بين أصابعهم قلائد العفة والكرامة، ينامون وكأنهم
لن يصحوا ابداً، يتصرفون وكأنهم لن «يعتازوا» أحدا ..موسيقاهم ذاك الدلف،
وتعثر الريح على تعرجات الزينكو، ان وجدوا أكلوا..وان لم يجدوا شكروا ..
هؤلاء لم يزعجونا يوماً بفقرهم، فلا نزعج موتهم بلومنا...
كلما شاهدت بيتاً مستوراً ينصب مدخنته نحو السماء، وامرأة في محيطه تحمل
على رأسها حزمة حطب،وفي جيدها هم الرجل الغائب.....مددت سجادة حزني نحو
قبلة القلوب..وصليت على الضمير صلاة الغائب...
ahmedalzoubi@hotmail.com