((لا أريد سوى أن أحلم))
أيمــــــــن علي الدولات
(خيراً.. اللهم اجعله خيراً).. اليوم الجمعة الموافق 18/6/2060 الساعة السابعة صباحاً وكما تعودت دوما- أفتح التلفزيون الأردني لتطالعني الحاجَّة إِخلاص يخلف (أَطال اللهُ عُمرَها) مبتسمةً متفائلةً كعهدنا بها تضفي على حياتنا الهانئة مزيداً من التفاؤل والأمل بغدٍ أجملَ بكثيرٍ في حلقة أخرى من برنامج الجمعة الأسبوعي باسمه الجديد.. (يسعد صباحكوا كثير)، أتابع الحلقة باهتمام بالغ فهي اليوم تتحدث عن (جمهورية الصين العربية الجديدة) بعد أن أصبحت الصين جزءاً من العالم العربي الشاسع بعد أن احتلتها الجيوش العربية الإلكترونية منذ ما يزيد على عشرين عاماً.. بعد معركة طاحنة في لعبة (ماريو الجديدة) انتهت بانتصار كاسح للعرب بقيادة الخبير الحربي العنيد محمد حسنين هيكل ، استسلم بعدها (الصواينة) ووافقوا على دفع جزية سنوية للعرب عبارة عن مليون (لعبة أتاري)، ونصف مليون (فلاش ميموري 16 جيجا بايت)، وتم تعيين اللواء الركن المتقاعد جورج قرداحي حاكماً عاماً ومندوباً سامياً للعرب في الصين الجديدة بعد أن طلب منه مجلس التنسيق العربي العدناني الأعلى الاستقالة من تقديم برنامجه الأسبوعي (من سيجمع النايلون)، والتفرغ لمنصبه الجديد، أخفض صوت التلفاز وآخذ رشفة أخرى من فنجان القهوة اليمنية الذي صنعته بيدي من البن الذي تصرفه لي شهرياً وزارة التموين والتخزين والتطمين مجاناً، بعد أن تمت إعادتها إلى الوجود في عهد الوزارة السابقة برئاسة معالي دولة طوقان الرابع، أمد يدي بجانب السرير الميكانيكي لأضغط زر الاستحمام الآلي لينبهني صوت الكمبيوتر بأن المياه الساخنة مقطوعة، وأن هناك خللاً في أجهزة تسخين المياه.. اشعر بالحنق الشديد واخرج عن طوري وأضغط زراً بجانبي ليدخل الخادم الجديد الذي أرسلته لي وزارة الترفيه(والتغنيج) الاجتماعي ليخدمني في شيخوختي الجميلة.. آمره بأن يجلب لي الهاتف الصوتي بسرعة فيحضره في الحال، وأمسك بالسماعة محتاراً بمن سأتصل.. (لأن هناك أكثر من جهة جاهزة لحل المشكلة فوراً)، ولكن لأنني (خِتيار غَلباويّْ) و(بِدي أكبِّرها) يستقر رأيي على الاتصال بالتلفزيون الأردني لعرض المشكلة وتضخيمها على الهواء مباشرة، أكبس زر الاتصال الصوتي وألفظ عبارة (التلفزيون الأردني).. عشر ثوانٍ ويجيبني صوت الموظف بلطف شديد: تفضل سيدي المواطن العزيز، آمره بعصبية: صلني ببرنامج (يسعد صباحكوا كثير) فوراً، لحظات ويرد علي صوت السيدة يخلف التي استمعت لمشكلتي وطلبت مني بلطف جم أن أغلق السماعة واعدةً إياي بالتصرف في الحال، أعيد السماعة لمكانها وأستدير ناحية التلفاز لأجد المذيعة قد قطعت برنامج الصين العربية الجديدة وقامت بالاتصال بكل من وزير المياه والشرب (والنعنعة) ووزير البلديات ووزير الترفيه الذين أجمعوا على أن مشكلة المياه الساخنة يجب أن تحل في دقائق، وقال وزير المياه بالحرف.. أن ما حدث يعد إهمالاً لا يجب أن يمر دون محاسبةٍ، فالمواطن الأردني العزيز المعتز بوطنه خط أحمر لا يجوز المساس بأمنه الرفاهيّ بأي شكل من الأشكال، والمياه الساخنة حق طبيعي له لا مجال للنقاش فيه، وزير الترفيه من جانبه طالب وزير المياه بالاستقالة فوراٌ بعد هذه الفضيحة، أما الحاجة إخلاص يخلف فحاولت تهدئة النفوس حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة ويستقيل وزير المياه فعلاً من باب أن هذا الأمر يمكن أن يؤخر عملية إعادة وصل المياه الحارة لي (أقصد لبيتي طبعاً)!!
دقائق ويدق جرس الباب لأجد وكيل وزارة المياه والشرب (والنعنعة) شخصياً مع ورشة متنقلة قد وصلوا من اجل التحقيق في سبب المشكلة وحلها فوراً، أسمح لهم بالدخول فيبدؤون بالعمل وما هي إلا لحظات حتى أجد المياه الحارة تتدفق في الحنفيات الباردة حتى أصبحت أشبه ما تكون بشلالات نياجارا الشهيرة، يخرج الجميع ويدخل مدير العلاقات العامة في وزارة المياه والشرب (والنعنعة)، بعد أن استأذن ليقدم اعتذاره لي واعداً إياي بعدم تكرار ذلك مستقبلاً تحت أي ظرف، يودعني الرجل منسحباً بخطواته إلى الخلف من شدة تواضعه وخجله مما حدث، يغلق الخادم الباب، وأدخل لأستمتع بحمامي الصباحي اليومي الساخن، وبعد أن أنهيه بقليل يرن جرس الباب لأجد فريقاً من التلفزيون الأردني برئاسة مدير الأخبار شخصياً يطلب مني مقابلة حصريةً للوقوف على أسباب المشكلة وعن إحساسي لحظة اكتشاف برودة المياه، في نهاية المقابلة أُبلغتُ أن وزير المياه والشرب (والنعنعة) قد قدم استقالته إثر فضيحة (هوت ووتر قيــــــــت)، ومن ثم تنحى بي مدير الأخبار جانباً ليسألني ما إذا كنت بحاجة إلى استشارة نفسية بعدما أصابني من ضرر نفسي بعد مشكلة المياه الحارة، فأجيبه بالنفي وأطلب منه فقط أن يحضر لي كوباً من الماء المثلج (لأبلَّ ريقي) بعد المجهود الذي بذلته خلال المقابلة التلفزيونية، يسرع ويناولني كوب الماء خوفاً وحرصاً علي كوني على شفا الانهيار.. أمسك كوب الماء لأشرب.. وفجأة أحس بالبلل اللعين المعتاد يسري في أوصالي، أفتح عينيَّ وأصحو من حلمي لأجدني قد غفوت حالماً أثناء وقوف مركبتي في شارع الجيش بالزرقاء منتظراً إصلاح ماسورة ضخمة مكسورة لكي أَمر والمياه تتدفق صاعدة من تحت مركبتي لتغمر مساحات لا يستهان بها منها ومن جسدي، أفكر بأطول صديق شهم أعرفه لينقذني مما أنا فيه، فلا أجد سوى الحبيب (نبيل محادين)، أمسك بالهاتف النقال وأتصل به أرجوه أن (يلحقني بسرعة).. دقائق وأحس بيد نبيل العزيزة الضخمة تسحبني من مركبتي وتلقيني على كتفه، التقط أنفاسي وتخرج من فمي بعض الكلمات غير المفهومة، أحس بالراحة على كتفه الضخم واشعر بالنعاس يداعب أجفاني فأغلقهما على عيوني من جديد.. أرجوكم، دعوني.. فأنا لا أريد سوى أن أحلم!!
يتبــــــــــــــــــــــــع
ayman_dolat@yahoo.com