بقلم : ـ دانا جهاد
كم هو أمر مؤسف جدا ومؤلم في نفس الوقت ، ونحن نعيش في بلد يدين معظم شعبه بالإسلام، أن نكون نسمع بين الحين والآخر عن انتشار ظاهرة غريبة دخلت بقوة على مجتمعنا الأردني المحافظ؛ ألا وهي : \"ظاهرة الأطفال اللقطاء\" من حديثي الولادة غير الشرعيين ؛ والذين أصبحت مشكلتهم تطفوعلى السطح في مختلف مناطق المملكة، وأخذت في النمو والتزايد يوما بعد يوم، وباتت أمراً واقعاً يصيبنا في أعماق حياتنا الاجتماعية بشكل يدعوناإلى الدهشة والإستغراب لما يحدث !! وكأننا نعيش في مجتمع غربي يخلو من القيم.
حقيقة؛ كم أنا ذهول ، وفي غاية العجب والتعجب لما أراه يحدث لهؤلاءالأطفال بعد ولادتهم ؛ حين رميهم هنا وهناك ، كاالإلقاء بهم في حاويات النفايات، أو تحت الجسور، أو على جوانب الطرق، وفوق الأرصفة، وفي أماكن عبور المشاة، أو وضعهم أمام أبواب المساجد والكنائس والمستشفيات والفنادق، أو تركهم في مراحيض الجامعات والمدارس! أو الإقدام على قتلهم فور ولادتهم، بطرق بشعة يشمئز لها ضمير الإنسانية جمعاء؛ وكل ذلك خوفا من العار والفضيحة الذي قد يصيب والدة هذا الطفل الغيرشرعي إذا فاحت رائحتها وانكشف أمرها.
إن المشكلة التي أنا بصددها الآن؛ جدا خطيرة في رأيي الشخصي، وأعتبرها من منظوري معيبة لنا، ومعيبة بحق بلدنا، ومعيبة أيضا بحق دينناالإسلامي؛ ولهذا واحتراما منا لأنفسنا ولبلدنا ولديننا؛ فأنا أرى أنه من الواجب علينا جميعا ؛ مواطنين ومسؤولين أن نقوم بالتصدى لها بحزم شديد، وأن نتدارس أسباب حدوثها. وأن نعمل على ضرورة التوعية بمخاطرها وسلبياتها على المجتمع بشكل عام؛ هادفين منع تفاقمها، ومنع وصولها إلى الحد الذي لايمكن السيطرة عليه بعد ذلك لاقدر الله.
إنني وبعد تفكير عميق؛ وجدت أنه من الممكن جدا القضاءعلى هذه الظاهرة المؤرقة، كما أنه من الممكن أيضا منع حدوثها. لكن !! بشرطين اثنين !!أولهما: أن نكون صرحاء مع أنفسنا بالإعتراف بها، وثانيهما : أن تتوافر لدينا الجدية اللازمة في العمل المخلص على محاربتها.
وعلى هذافقد توصلت الى أهم مسبباتها، والتي كانت من وجهة نظري مايلي:ـ
1ـ ضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى البعض .
2ـ انتشار الكحول والمخدرات بين كثير من فئات المجتمع.
3ـ رواج الزواج العرفي وزواج المتعة على نطاق واسع.
4ـ انتشار العاملات في المنازل من جنسيات مختلفة بأعداد كبيرة ملفتة للإنتباه وغياب الرقابة عنهم.
5ـ انتشارمراكز التدليك والمساج في الفنادق وفي الاحياء الراقية من غير وجود ضوابط مهنيةكافيةمن الجهات ذات العلاقة.
6ـ انتشارالكثير من الملاهي الليلية والبارات والمراقص والخمارات.
7ـ تسهيل أمورالإختلاط بين الجنسين ،وتقريب البنزين من النار!!بحجة تماشي التطور والحضارة الكاذبة المزعومة.
8 ـ الغلاء المتزايد في المعيشة يوما بعد يوم.
9ـ العنوسة وفقدان الأمل ، وتسرب اليأس الى نفوس البعض في الزواج الحلال.
10- وجود وقت فراغ طويل لدى الكثيرين من الشباب العاطلين عن العمل.
11ـ سوء وفحش وقذارة ماتقوم بعرضه معظم الفضائيات الخليعة من برامج تافهة هدامة للقيم و مثيرة للشهوات.
12 ـ ارتفاع المهور وتعنت بعض أولياءالأمور في تزويج بناتهم !! وذلك بما يفرضونه على العرسان من طلبات تعجيزية تجعل الشباب يستنكفون عن الزواج.
13ـ البطالة.
14ـ الفقر والحاجة المادية.
15ـ بالإضافة الى أسباب أخرى كثيرة لايتسع المجال لذكرها في هذه العجالة.
وهذه كلها وكما ترون ؛ فإني أعتبرها عوامل ودوافع وأسباب؛ تؤدي ومع مرورالأيام إلى حدوث فوران في الشهوات وإيقاظ للغرائز الدفينة؛ ستدفع بأصحابها حتما بعد ذلك إلى ارتكاب جريمة (الـــزنا) والعياذ بالله ؛ وخاصة إذا مهدت الطريق لهذا الزنا بعدالتقاء أي طرفين من الجنسين من الذين يكون الشيطان رفيقا دائما لهما، ويصدف أن يتواجدا في جو ومكان يسكنه الشيطان وتكون تتوفر فيه فرصة الخلوة الآثمة.
\"فما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما \"!!
الأمر الذي يؤدي إلى ترغيب الشيطان لهما في ممارسة هذا الفعل الشائن بعد تزيينه لهما، وفي نهاية الأمر يجدان نفسيهما يضعفان تدريجيا إلى أن يصلا إلى وضع يصعب عليهما مقاومته أمام اشتداد شهوتهما العارمة من جهة، وبسبب مدى قوة تأثير وسيطرة الشيطان عليهما من جهة أخرى.
فالشيطان وكماهو معروف عنه؛ لايكف أبدا عن الوسوسة في الصدوروتخريب العقول، وينجح عادة بإمتياز في نصب شباكه حول ضعاف الإيمان؛ ويستطيع بمكره ودهائه الإيقاع بهم وإطفاء البصائر لديهم؛ فيتمكن حينها من إحكام قبضته عليهم، ويجعلهم يستسلمون لأوامره وهمزاته ونفخاته إلى أن يتمكن من استدراجهم بالوقوع في الحرام والغوص في مستنقع الرذائل.
ويكون من نتائج ذلك بلاشك مايلي:
1ـ إنجاب أطفال لقطاء غير شرعيين.
2ـ حدوث اختلاط في الأنساب.
3ـ انحلال في الأسر.
4ـ تفكك في الروابط الإجتماعية.
5ـ انتشارلكثير من الأمراض المعدية كالأيدز والسفلس والسيلان وغيرها .
وهذا كله سيؤدي في نهاية الأمر إلى انهيار كامل في منظومة الأخلاق ، ومن ثم إلى حدوث تدهورخطير في كافة القيم الإنسانية .
إن ديننا الإسلامي الحنيف ،وكما تعلمون دين، يحترم الإنسان ويسمو به، ويميزه عن غيره من سائر الكائنات الأخرى؛ وهو دين العفة والطهارة والنقاء .ولهذا فهو يحرّم علينا كل علاقة جنسية غير شرعية، وكما أنه يحرّم علينا كل قول، ويحرم علينا كل عمل وكل أمر مامن شأنه أن يفتح نافذة على علاقة محرمة آثمة.
ولهذا نجده قد شرع لنا الزواج الحلال، وطالبنا كمجتمع اسلامي محافظ بضرورة تبسيط أموره وتقليل تكاليفه والتشجيع عليه.
ولاشك أن المتعمق في دراسة أمور الدين الإسلامي وتوجيهاته وإرشاداته وهديه؛ سيجد أنه دين عظيم حافل بكل مامن شأنه أن يعصمنا جميعا من الوقوع في شرورالمعاصي والمحرمات وعواقب الأخطاء.
هدانا الله وإياكم جميعا إلى كل مايحبه ويرضاه، وأرشدنا الله وإياكم إلى السير في الطريق القويم المستقيم ، وأبعد الشيطان وأعوانه عنا وعنكم بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
دانا جهاد
طالبة جامعية ـ كلية الهندسة
dana.jehad@hotmail.com