زاد الاردن الاخباري -
يقترب مؤشر الخطر من حكومة الدكتور عمر الرزاز أكثر طالما لا يزال الفريق بشكله الحالي، في وقت يسهّل فيه وجود حقائب شاغرة في وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي والسياحة على رئيس الفريق البدء بعملية جراحة من الوزن الثقيل في فريقه، قد تسهم فعلياً في تخفيف وطأة الاحتجاجات من جهة وفي تغيير نوعية الفريق التي باتت متهمة بالتكلّس سلفاً من جهة ثانية.
فريق الدكتور عمر الرزاز أو بالأحرى نصف الفريق الذي يقوده الرجل، بات اليوم أقرب لصيغة تسيير الأعمال منه للفريق الحقيقي، وحوارٌ خاطفٌ مع عدد من وزراء الفريق يمكّن أي شخص من شعور ذلك، ما يعني ان الفريق نفسه وفي جانبه الجديد تحديداً أصابته عدوى المزاج البطيء والشاعر بالملل وعبثيّة القتال لأجل ما جاء له.
هذا المزاج كان مقتصراً سابقاً على معظم أعضاء حكومة الدكتور هاني الملقي الذين تم إبقاؤهم في فريق الدكتور الرزاز.
يتعقّد المشهد فعلاً، وهو يحتوي خبيراً اقتصادياً وبيروقراطياً بامتياز من وزن الرزاز، بينما فريقه مليء بالثغرات التي لا يتسلل منها الملل والمزاج السلبي والاخطاء الإدارية التقنية وحسب، ولكن يزيد فيه تأزم الجانب السياسي الذي يبدو اليوم "فارغاً” ويؤثر سلباً على الشقّ الميداني من التعامل مع الحراك الأردني وتفاصيله ومطالبه.
بالإضافة للشق السياسي، الذي لا يتعامل معه أحدٌ في الحكومة تقريباً، فإن أزمة حقوقية تطلّ برأسها على السلطة التنفيذية حيث ردّت بقسوة على بيان للمركز الوطني لحقوق الإنسان يتهم السلطات بالإضرار بحق الاحتجاج السلمي وحرية الرأي والتعبير، وبالتزامن قبلت اقالة منسقها لحقوق الانسان باسل الطراونة ورغم تبرير القرار بكونه "استقالة مؤجلة” جاءت لأسباب صحية الا ان التزامن كان موضع تساؤل وشك.
بهذا المعنى لا يبدو الفريق الوزاري وحده المتهتّك والمحتاج لإعادة تشكيل ونظر، بل حتى والفِرق المساندة يبدو أنها بحاجة إعادة نظر وجراحة من النوع الجذري، خصوصاً مع سلسة الاحتجاجات التي تظهر في المملكة ولا تقتصر على الاحتجاج يوم الخميس، فعدة جماعات في الأردن تشكّل يوماً بعد آخر مطالب اقتصادية وإدارية جديدة تتوجه فيها للسلطة التنفيذية وليس آخرها سائقو سيارات الأجرة بشقّيهم العمومي والعامل وفقاً للتطبيقات الذكيّة، ولا "الفنيين العاملين في المشاريع الكبرى” وغيرهم.
كل هذه التفاصيل، تحتاج بالضرورة لفريق مكتملٍ بالدرجة الأولى ليتعامل معها وخبير بتفاصيل عملها وقادر على الموازنة بين المصالح العامة والخاصة ومعالجة الاختلالات، في حين لا يستطيع بحكم الواقع الموضوعي ذلك وزير العدل بسام التلهوني الذي يحمل إلى جانب حقيبته حقيبتا التعليم والتعليم العالي، بعد استقالة الوزير السابق علي المحافظة على خلفية ما عُرف بكارثة البحر الميت.
استكمال الفريق اليوم، لم يعد فقط حاجة تقنية، فهو بالإضافة لذلك حاجة سياسية تحمل رسائل الاستقرار التي تحاول الحكومة ارسالها دون جدوى، في الوقت الذي لا يزال فيه الحراك الأردني مصرٌّ على النزول للشارع والمطالبة بأكثر من مجرد تغيير النهج الاقتصادي، حيث مطالبة بزيادة صلاحيات الشارع على حساب صلاحيات السياسيين.
عدم اكتمال الفريق أو حتى إعادة توزيع المهام الحالية على الفريق الموجود، يوحي ضمناً بأن الفريق الوزاري هو الأقرب للإطاحة إذا ما اشتدت مطالبات الحراك، خصوصاً مع إصرار شعبي على كون حكومة الدكتور الرزاز لم تأتِ بما يؤمن اقتصاداً أفضل للمواطنين، رغم كل الجهود التي تبذلها الحكومة، من سحب الحراسات من بيوت رؤساء الوزراء السابقين، وإيقاف شراء المركبات وغيرها.
جهود الحكومة، قد تبقى عمليا خارج الرادار الشعبي، طالما لا يلمسها الشارع بانخفاض الضرائب (وقد طالب المحتجون بخفض ضريبة المبيعات) وبالتالي الأسعار، وهو الامر الذي لم تتحرك باتجاهه بعد الحكومة، بينما اكد نواب انه على برنامج عمل الدورة العادية الحالية.
بكل الأحوال، اسقاط حكومة الرزاز في المرحلة الحالية إن لم تكن "تجارة خاسرة” للحراك والشارع، فهي عملياً قفزة في الهواء، قبل الخروج بقانوني أحزاب وانتخاب جديدين يسهما ببدء مرحلة حكومة برلمانية، وهو الامر الذي يبدو أن المرجعيات لم تقرر انها تريد السير باتجاهه بعد.
ما يعني بالضرورة أن الحكومة الحالية مهدّدة من بقية مراكز القوى أكثر بكثير من الحراك الشعبي الذي يعرف جيداً تبِعات اسقاطها في هذه المرحلة.