نعم لنعلن الحقيقة كمان نراها نحن, متفقين او مختلفين, فهو يبقى حوار ونقاش وليس تنزيلا سماويا, وأفضل وجهات النظر والمبادئ هي التي تخدم الوطن كله, القضية الفلسطينية منذ بداية العام 1948, عام التقسيم والظهور الفعلي لكيان سياسي واضح المعالم للصهاينة في فلسطين, منذ ذلك التاريخ والقضية الفلسطينية أصبحت قضية ولادة, تُنتج قضايا أخرى منها, وكل قضية جديدة تنجب من رحم القضية الأساسية تجعل من الصعوبة بمكان بالعودة الى أساس القضية والفكرة الأصيلة فيها, فمن طرد الصهاينة من الأرض كلها الى منعهم من إنشاء أي كيان سياسي لهم, ثم من منع انتشار كيانهم الى تحديد أماكن كيانهم, ثم من تحرير كامل الأرض الى تحرير نصف الأرض اعتمادا على تواريخ الاحتلال والاغتصاب, وهكذا دواليك حتى وصلنا الى قضايا أخرى تجعل الأمور تتعقد أكثر وأكثر, بين الفصائل ومن يمثل الشعب الفلسطيني بحق, الى من يمثل أكثرية الشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج, قد أكون غفلت بعض القضايا الأخرى المهمة المنبثقة ليس إنقاصا لجوهرها ولكن تسريعا بالوصول الى الفكرة الأساسية لمقالتي, و الان أصبحنا نتحدث عن محور جديدة منبثق عن القضية الفلسطينية الأساسية وهي ظهور القضية الأردنية _ الفلسطينية, والتي أصبحت محورا مهما في حياة الشعب الأردني مؤخرا, او أريد لها ان تكون.
الأردن الدولة المستقلة صاحبة السيادة
لا خلاف ولا اختلاف على الفكرة أعلاه, ولكن منذ أصبح الوجود الشعبي الفلسطيني في المملكة الاردنية يأخذا طابعا رسميا متميزا عن طبيعة الوجود الشعبي الفلسطيني في أي دولة بالعالم, ظهرت المشكلة بمسماها القضية الاردنية الفلسطينية, وهي تتمثل بكل بساطة في محورين أساسين, الاول الوجود الشعبي الفلسطيني على ارض المملكة( وأقول الشعبي لان الوجود السياسي واضح المعالم بما يختص بالتنظيمات السياسية الفلسطينية العديدة), والمحور الثاني هو نفوذ التواجد الشعبي سياسيا واقتصاديا في المملكة, منها نرى ان المحورين متلازمين وان كانا غير مؤثرين على بعضهما البعض حقيقة, فلا يعني التواجد بكثرته ازدياد النفوذ, ولا قلة النفوذ تعني عدم التواجد, فلكل منهما مسار ولكنهما متلازمين من حيث الأطروحات والحلول وبالتأكيد من حيث الإعلان عن وجود خلل ما في الكيان العام للمملكة, ان الموقف الأساسي للدولة الاردنية منذ تأسيسها ومنذ أول دستور رسمي فيها 1952 بخصوص القضية الفلسطينية الاساسية هو موقف واضح وجلي ولا تغير فيه للان, ولكن التطورات والمتوالدات التي حصلت لاحقا جعلت الملاحق الإضافية للقضية الاساسية تظهر على سطح الحياة, حتى وصلنا الى القضية الجديدة, التواجد والنفوذ, وقد تختلف مسميات استيعاب المحورين باختلاف من يطرح الأفكار فمن فيدرالية الى كونفدرالية, وبالتالي الى الوطن البديل, الوطن البديل الذي ؤود يوما عاد بحلته الجديدة, قد يكون فكرته الاساسية حلا للقضية الاساسية, ولكن ايضا فكرة الوطن البديل المنبعث للحياة من جديد تطورت و تعدلت, لا باس هنالك من غالى بها وهنالك من غالى استخفافا بها ايضا, وكنها بالمحصلة موجودة ولا ننكرها, ولكن الغريب او لنقل الغير مقبول ان نسقط أية قضايا اخرى تولدت من المحورين النفوذ والتواجد على فكرة الوطن البديل, ورسم المحورين كعنوان اساسي لفكرة الوطن البديل, وأيضا إضافة أمور اخرى قد تبلي او تلغي مصالح معينة الى الوطن البديل.
الوطن البديل: ما المقصود به؟؟
المشكلة هنا تكمن في تعريف كلمة الوطن البديل, تماما كمشكلة العالم حين اتفق على محاربة الارهاب ولكنه اختلف على تحديد ما هو الارهاب, وهل المقاومة هي اعمالا ارهابية وكل يغني على ليلاه, كذلك الوطن البديل, اتفقنا جميعا على رفضه ولكننا اختلفنا على تحديده و وصفه بوضوح, فمن يقول الى ان الوطني البديل هو حل للقضية الفلسطينية الاساسية ( التحرير الكامل), الى من يقول ان الوطن البديل هو حل لجزء من الحل النهائي باختصار الوطن البديل بقضية اللاجئين, الى من يقول ان الوطن البديل هو حل النخبة السياسية الفلسطينية لإيجاد كيان سياسي مستقل لهم بغض النظر عن الجغرافيا, وتحدث البعض ان الوطن البديل هو كيان سياسي فلسطيني مستقل عن الكيان الصهيوني وعن المملكة, عدنا الى المملكة والتي ارتبط الوطن البديل بها رسميا وتوحدا انفراديا, ولعل النخبة السياسية الاردنية اصبحت تعطي فكرة الوطن البديل طابعا خاصا بها وهو المحورين الأساسين التواجد والنفوذ, فلو خففنا من التواجد ومن النفوذ او من احدهما يعتقدون ان الوطن البديل لن يولد ولن يكون, ولكن أليس طرح الوطن البديل بمعنى ان الأردن سيصبح وطنا فلسطينيا بديلا بكامل أركانه موجود في رؤوس كثيرين من مخططين النظام العالمي الجديد, إلغاء المملكة كاملا بكل أركانها وإظهار الدولة الفلسطينية الجديدة, أليس هذا واضحا في كثير من مواقف الغرب واسرائيل حتما, وبالتالي الوطن البديل حصريا انه ليس بديلا لفلسطين وإنما بديلا للاردن.
الأصعب سهولة
نعم لان الاساس الذي يحكم أي دولة بالعالم هو دستورها, وما يأتي مع الدستور فهو شرعيا وما خالفه فهو غير شرعي, اذا أمرا سهلا جدا لا صعوبة في طرحه, وكذلك الامر لدينا يجب ان يبنى على الدستور الاردني, ما خالفه فهو غير شرعي وما وافقه فهو شرعي, وبالتالي ان سقنا هذه القاعدة على القضية الاردنية الفلسطينية وعلى فكرة الوطن البديل نستطيع ان نحكم على أمرين مهمين :
1- لا وطن بديل للاردن 2- ان كل من هو حامل للجنسية الاردنية فهو مواطن اردني بكامل الحقوق عليه وله
ومن هنا نتعلق بالأمل الجديد ان نعود لدستورنا المعمول به والتمسك به والذي هو روح الحياة التي عشناها منذ العام 1952, اما ان نعود على الدستور لنبدله ونغيره كلما ظهر طارئ او استجد أمرا فحينها تصبح الأمور على حسب الأهواء والمصالح, ما خالف الدستور لا يقبل به ولا يعمل به ولا ينظر إليه, المواطن الاردني هو اردنيا بكل معنى الكلمة, ولا يخرجه من مواطنته إلا ما نص عليه الدستور, وبالتالي ورميا في نفس البئر فلا يوجد فلسطيني في كيان الدولة الاردنية الرسمي, فكل من هو من أصل فلسطيني يحمل الجنسية الاردني هو اردني بكامل اردنيته, من رضي لنفسه هذه المواطنة والتزم بها ولم يجعلها مجرد وسيلة شرعية للتحرك والتنفذ, اما من خالف هذا الشرط فبغض النظر عن أصله وفصله فهو لا يستحق المواطنة الاردنية, ولسنا نحن من نحدد من لا يستحق بل الدستور بقوانينه وأنظمته وتعليماته.
الضفة الغربية وقرار فك الارتباط 1988
لا يختلف اثنان على انه قرارا غير دستوري وإنما قرار سياسي تماشى مع أوضاع معينة كانت راهنة في تلك الفترة, وان سلخ الأرض الاردنية في الضفة الغربية عن جسد الدولة الاردنية كان يقصد من ورائه خدمة القضية الفلسطينية الاساسية وتوالداتها, ولكن أعيد واكرر ليس دستوريا, وما حصل لاحقا اثبت ان قرار فك الارتباط لم يكن إلا قرار ظرفيا, وليس جوهريا بمعنى أنهم سلخوا الارض من الدولة وابقوا الشعب الاردني الذي في الضفة على عاتق الدولة الاردنية, وبعد حين أصبح الاردنيون بحكم الدستور الاردني 1952 من أبناء الضفة الغربية الاردنية هم عبئا ايضا على الدولة الاردنية, وبدلا من ان نطالب بعودة الارض الى الدولة, أصبحنا نريد التخلص من الاردنيون بحكم الدستور الاردني وإلحاقهم بالأرض المحتلة أساسا, معتقدين ان هذا يخدم مصلحة الدولة الاردنية ومصلحة القضية الفلسطينية, والدعوة التي تبث حاليا بجعل قرار فك الارتباط 1988 هو قرار دستوريا دعوة غريبة لأنها تقر وتعترف ان قرار فك الارتباط هو ليس دستوريا أساسا ولكنها لا تحترم الدستور الذي بنيت عليه الدولة الاردنية الحديثة والذي كانت الدولة الاردنية تعيش به منذ 1952 ولغاية 1988.
هل إنهاء التواجد الفلسطيني هو الحل أم النفوذ هو الحل؟؟
لا اعلم ما المقصود بداية بالتواجد الفلسطيني على ارض الاردن, وهل الاردني حسب الدستور بتواجده على ارضه هو رأس حربة الوطن البديل الجديد, وهل انهاء التواجد والنفوذ معه يعني انه لا وطن بديل أبدا, لم أضع علامات الاستفهام لأنني لا أراها أسئلة يجب الإجابة عليها, بل أراها محاور يجب التوضيح والتحليل لها, لا يهمني رأي الساسة الفلسطينية كثيرا في هذه النقطة, ولا يعنيني توجه بعض الساسة الاردنيون في طرحهم, ما يهمني هو أنني أريد وطني كاملا وفقا لأحكام الدستور, بضفتيه الشرقية والغربية, بدون أية إضافات فلا حكما ذاتيا ولا كونفدرالية ولا فيدرالية, وطنا به محافظات الشمال والجنوب والشرق والغرب, وكل من يرضى العيش به يكون مواطنا اردنيا حسب الدستور الاردني, وكل من يخالف أحكام الدستور الاردني في موضوع المواطنة والانتماء والإخلاص فهو ليس اردنيا بحكم الدستور ايضا, وهذا ليس ترسيخا لفكرة الوطن البديل بل هو فعليا القضاء على فكرة الوطن البديل المتمثلة بإلغاء الاردن كله, اما الفلسطينيون فالأصعب سهولة بالنسبة لهم أنهم واقصد بعضهم من السياسيين فقط يريدون التحدث عن الشكل السياسي لنظامهم الحاكم مستقبلا قبل تحرير الارض, ينشئون دولة يحكمونها ثم يطلبون أرضا لهذه الدولة.
لنعلن إلغاء فك الارتباط, وان الضفة الغربية هي أراضي اردنية بحكم الدستور, وليحكم الدستور بالمحاور الاساسية التواجد والنفوذ, ليتحرك الاردني في ارضه كلها شرقا وغربا وفقا لأحكام الدستور, وبعد ان تعود الارض لجسد الدولة يكون الحديث حينها وفقا لأحكام الدستور وما ينص عليه عن الوضع النهائي لجسد الدولة, ونعم فلسطين القضية الاساسية ليست فقط الضفة الاردنية الغربية, بل هي فلسطيني كلها, ولكن هكذا رضي أهل الضفتين أصلا واتفقوا عليه في مؤتمر أريحا 1949, وان أرادوا الاتفاق على غيره فليكن وفقا للدستور أساسا, غريبا ان تكون وحدويا وترفض الوحدة, وغريبا ان تكون قوميا وترفض قومك, وغريبا جدا ان تكون اردنيا ولا تقبل بحكم الدستور, نعم هو ليس حكما سماويا ولكن ارتضاه الشعب كله وقبلوا به, فلا تقرنوا بين المخططات والأجندات وبين أحكام الدستور, وكأننا في الدعوة الجديدة لتعديل الدستور 1952 نعلن أننا عشنا طوال 36 عاما في ظل دستور ظالم يخدم مصالح الأعداء.
إسرائيل أين؟؟؟
نعم هنا السؤال الأهم, ماذا يزعج إسرائيل وترفضه أكثر؟, إبقاء الفلسطينيون لاجئون جميعا ومشردون ومتنازع عليهم وبينهم, و شحادتهم لأي مسمى يحمل لقب دولة في أي مكان, أم يزعجها ان تعاد روح المطالبة بتحرير الضفة الغربية الاردنية وفقا للأحكام والشرائع الدولية, وعودتها الى كيان الدولة الاردنية محررة مستقلة بأرضها وشعبها؟؟؟, وهل ان حصل ذلك سيغضب السياسي الفلسطيني لان الدولة الفلسطينية على الارض المحررة لم تقم؟؟؟, أم سيفرح لان الإنسان المحتل حرر من احتلال الصهاينة المجرمون وأشجار الزيتون ما عادت تقلع عقابا او انشاءا لمستعمرات جديدة؟؟؟, نعم هي الأصعب سهولة, تحرير الارض والإنسان وفقا لأحكام الدستور , دستور الدولة الاردنية.
حازم عواد المجالي