"قررنا، كما يريد الشعب، الغاء المرسوم 748 والمراسيم الاخرى التي رافقت هذا الاجراء".... بهذه الكلمات القليلة والمختصرة والمعبّرة ، خاطب الرئيس البوليفي ( ايفو موراليس ) أبناء شعبه الذين حملوه الى سدة الرئاسة ... اعلن الرئيس البوليفي ايفو موراليس ليل الجمعة السبت الغاء المرسوم الذي ينص على زيادة اسعار المحروقات بنسبة ثمانين بالمئة تحت ضغط التظاهرات الاحتجاجية اتي تخللتها صدامات في جميع انحاء البلاد.
والأوضاع الإقتصادية في بلادنا ، لا تقلّ سوءا عن عن مثيلتها في بوليفيا ، حيث ترزح الأغلبية الشعبية تحت خط الفقر والتهميش ... ولكن ( هناك في بوليفيا ) استطاع الشعب البوليفي أن يوصل رئيسا تقدميا الى سدة الحكم ، وهذا الرئيس يتجاوب مع نبض الشارع ، فيتراجع عن قرار اقتصادي ( غير شعبي ) ، رغم أن قراره ذاك ، والمتمثل في رفع اسعار المحروقات وغيرها من السلع والخدمات ، قد يساعد ( ولو نظريا ) في تقليص حجم المديونية وسد العجز في الموازنة ،،، علما أن بوليفيا تحصل على نفط رخيص من الجارة التقدمية فنزويلا ، بسعر لا يتجاوز 28 دولار للبرميل ، مع تسهيلات بالدفع ... والرئيس البوليفي ، لم تأخذه العزة بالإثم ، ولم يكابر أو يعاند التحرك الشعبي ، ولم ( يركب رأسه ) ويصرّ على زيادة الأسعار ... بل كان تجاوبه فوريا وحاسما ومباشرا ... ببساطة ، ألغى المرسوم الرئاسي ( غير الشعبي ) والمراسيم الرئاسية الأخرى المتعلقة به ...
إن نجاح الحكومات في إدارة دفة الحكم لا يبنى على حسن النوايا ، ولا على حجم ابتسامة الرئيس الفلاني او العلاّني ، انما يأتي هذا النجاح بقدر ما يكون متجاوبا مع مطالب الجماهير الأكثر معاناة في المجتمع ، والأكثر قهرا وفقرا وتهميشا ... وحتى يحصل مثل ذلك ، يجب أن تكون هناك قوى اجتماعية وأحزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني تمثل مصالح تلك الطبقات والشرائح الإجتماعية ، لتقود نضالها المطلبي في وجه حكومات غير شعبية ، تمثل مصالح تحالف طبقي حاكم ، لا يهمه إلا البقاء على كرسيّ الحكم ...
عندما نقول هذا الكلام ، نحن لا ندعو الى ثورة ، ولا الى قلاقل ، ولسنا مخربين أو أصحاب أجندات خاصة ، إنما نريد من وراء كل هذا ، أن نستنهض عزيمة كافة القوى السياسية والإجتماعية المعنيّة حقيقة بالدفاع عن مصالح الطبقات المسحوقة في بلادنا ... على أن يتمّ ذلك كله عبر ( القنوات الديمقراطية ) المتوافق عليها ، وضمن الدستور والقانون ...
لقد آن لشعبنا الأردني الصابر ، أن يقف صفا واحدا في وجه الإجراءات الحكومية ونهجها الإقتصادي الذي جعل المواطن الأردني يرزح تحت مديونية غير مسبوقة ... يكافح طيلة نهاره وليله من أجل لقمة عيش صعبة المنال ومجبولة بالعرق والدم وما تبقى لديه من كرامة ، لتبقيه وأطفاله على قيد الحياة ...
لقد آن للأحزاب الأردنية والنقابات المهنية والعمالية ، أن تأخذ ( بالأحرى ، أن تسترد ) دورها الطبيعي في قيادة الجماهير الأردنية في وجه المتغوّلين على لقمة عيش المواطن الفقير ... وبدون ذلك ، ستنجح الحكومات الأردنية المتعاقبة في الحد من تناسل شعبنا خلال سنوات قليلة ... ذلك أن لا مصلحة لأحد أن ينجب طفلا مدينا ب 1700 دولار امريكي فور خروجه من رحم أمه ...